الإجهاز على الإعجاز: حديث النطفة الجزئية والعزل
"سئل صلى الله عليه وسلم أيضا عن العزل، فقال: ما من كل الماء يكون الولد، وإذا أراد الله خلق شيء لم يمنعه شيء"
(إعلام الموقعين عن رب العالمين) (4/ 262)
(إعلام الموقعين عن رب العالمين) (4/ 262)
"عن جابر، أن رجلا أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: إن لي جارية، هي خادمنا وسانيتنا، وأنا أطوف عليها، وأنا أكره أن تحمل، فقال: «اعزل عنها إن شئت، فإنه سيأتيها ما قدر لها»، فلبث الرجل، ثم أتاه، فقال: إن الجارية قد حبلت، فقال: «قد أخبرتك أنه سيأتيها ما قدر لها»"
(صحيح مسلم) (2/ 1064)
(صحيح مسلم) (2/ 1064)
"سأل رجل النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: إن عندي جارية لي، وأنا أعزل عنها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن ذلك لن يمنع شيئا أراده الله» قال: فجاء الرجل، فقال: يا رسول الله، إن الجارية التي كنت ذكرتها لك حملت، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أنا عبد الله ورسوله»"
(صحيح مسلم) (2/ 1064)
(صحيح مسلم) (2/ 1064)
يزعم الإعجازيون أن هذه المعلومة معجزة يعجز البشر عن معرفتها في زمن الرسول!
من أين لهم هذا النفي الجازم؟!
يشير الحديث لحقيقة أن نطفة الرجل قد يحدث منها الحمل حتى إن قطع الجماع قبل الإنزال.. حيث أن الحمل لا يحتاج لكل النطفة، بل يكفي لحدوثه أحيانا قطرة واحدة.
قال ابن القيم:
"يشبه هذا قوله للذي قال له: إن لي أمة وأنا أكره أن تحبل وإني أعزل عنها، فقال: سيأتيها ما قدر لها...
أخبر أنه سيأتيها ما قدر لها ولو عزل، فأنه إذا قدر خلق الولد قدر سبق الماء، والواطيء لا يشعر، بل يخرج منه ماء يمازج ماء المرأة لا يشعر به يكون سببا في خلق الولد.
ولهذا قال ليس من كل الماء يكون الولد، فلو خرج منه نطفة لا يحس بها لجعلها الله مادة للولد.
قلت: مادة الولد ليست مقصورة على وقوع الماء بجملته في الرحم
بل إذا قدر الله خلق الولد من الماء فلو وضع على صخرة لخلق منه الولد. كيف والذي يعزل في الغالب إنما يلقى ماءه قريبا من الفرج، وذلك إنما يكون غالبا عندما يحس بالإنزال، وكثيرا ما ينزل بعض الماء ولا يشعر به فينزل خارج الفرج ولا شعور له بما ينزل في الفرج ولا بما خالط ماء المرأة منه.
وبالجملة فليس سبب خلق الولد مقصورا على الإنزال التام في الفرج.
ولقد حدثني غير واحد ممن أثق به أن امرأته حملت مع عزله عنها لرضاع وغيره"
(مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة) (2/ 271)
ما يريد لنا الإعجازيون أن نصدقه هو أن البشرية كلها قبل الإسلام - بما فيها العرب - لم يعزل فيها رجل واحد عن امرأته ثم وجدها قد حملت على الرغم من ذلك؟!
هل هذا يعقل؟!
آلاف السنين وحضارات طويلة متلاحقة، عرب وعجم، ولم يحدث أبدا أن حدث الحمل بعد العزل؟!
كان للقدماء اهتماما كبيرا بأساليب منع الحمل، (وأكثرها فاشل أو قائم على جهل وخرافة).. نجد اهتمامهم ظاهرا في نصوص البابليين والمصريين القدماء، وكتب الإغريق والرومان، كلام أرسطو وأبقراط وجالينوس، وغيرهم كثير.
فالعزل كان شيئا معروفا.
واسمه Coitus interruptus
ومذكور في سفر التكوين في التوراة، في قصة أونان وثامار، ومنها جاء مصطلح الـ Onanism
الحديث لم يأت في سياق التحدي بمعلومة علمية غير مسبوقة! بل هو حديث عن قدر الله وأن ما كتبه سيحدث حتى لو أراد البشر عدم حدوثه.
فحوله الإعجازيون لمعجزة مبنية على افتراض غير مؤكد وغير معقول، وهو أن العرب والعجم كلهم لم يعرفوا أن العزل يفشل أحيانا.
ظنوا أن كل البشر وقت الرسالة كانوا كالرجل الذي سأل الرسول عن العزل!
وصف شيء بالإعجاز لا يكون بهذه السهولة. المعجزات تكون واضحة جلية، لا مبنية على افتراضات وظنون.
من أين لهم هذا النفي الجازم؟!
يشير الحديث لحقيقة أن نطفة الرجل قد يحدث منها الحمل حتى إن قطع الجماع قبل الإنزال.. حيث أن الحمل لا يحتاج لكل النطفة، بل يكفي لحدوثه أحيانا قطرة واحدة.
قال ابن القيم:
"يشبه هذا قوله للذي قال له: إن لي أمة وأنا أكره أن تحبل وإني أعزل عنها، فقال: سيأتيها ما قدر لها...
أخبر أنه سيأتيها ما قدر لها ولو عزل، فأنه إذا قدر خلق الولد قدر سبق الماء، والواطيء لا يشعر، بل يخرج منه ماء يمازج ماء المرأة لا يشعر به يكون سببا في خلق الولد.
ولهذا قال ليس من كل الماء يكون الولد، فلو خرج منه نطفة لا يحس بها لجعلها الله مادة للولد.
قلت: مادة الولد ليست مقصورة على وقوع الماء بجملته في الرحم
بل إذا قدر الله خلق الولد من الماء فلو وضع على صخرة لخلق منه الولد. كيف والذي يعزل في الغالب إنما يلقى ماءه قريبا من الفرج، وذلك إنما يكون غالبا عندما يحس بالإنزال، وكثيرا ما ينزل بعض الماء ولا يشعر به فينزل خارج الفرج ولا شعور له بما ينزل في الفرج ولا بما خالط ماء المرأة منه.
وبالجملة فليس سبب خلق الولد مقصورا على الإنزال التام في الفرج.
ولقد حدثني غير واحد ممن أثق به أن امرأته حملت مع عزله عنها لرضاع وغيره"
(مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة) (2/ 271)
ما يريد لنا الإعجازيون أن نصدقه هو أن البشرية كلها قبل الإسلام - بما فيها العرب - لم يعزل فيها رجل واحد عن امرأته ثم وجدها قد حملت على الرغم من ذلك؟!
هل هذا يعقل؟!
آلاف السنين وحضارات طويلة متلاحقة، عرب وعجم، ولم يحدث أبدا أن حدث الحمل بعد العزل؟!
كان للقدماء اهتماما كبيرا بأساليب منع الحمل، (وأكثرها فاشل أو قائم على جهل وخرافة).. نجد اهتمامهم ظاهرا في نصوص البابليين والمصريين القدماء، وكتب الإغريق والرومان، كلام أرسطو وأبقراط وجالينوس، وغيرهم كثير.
فالعزل كان شيئا معروفا.
واسمه Coitus interruptus
ومذكور في سفر التكوين في التوراة، في قصة أونان وثامار، ومنها جاء مصطلح الـ Onanism
الحديث لم يأت في سياق التحدي بمعلومة علمية غير مسبوقة! بل هو حديث عن قدر الله وأن ما كتبه سيحدث حتى لو أراد البشر عدم حدوثه.
فحوله الإعجازيون لمعجزة مبنية على افتراض غير مؤكد وغير معقول، وهو أن العرب والعجم كلهم لم يعرفوا أن العزل يفشل أحيانا.
ظنوا أن كل البشر وقت الرسالة كانوا كالرجل الذي سأل الرسول عن العزل!
وصف شيء بالإعجاز لا يكون بهذه السهولة. المعجزات تكون واضحة جلية، لا مبنية على افتراضات وظنون.
=====
إضافة:
قال القفطي:
"كانت ليوحنا جارية رومية وكان يأتيها ويعزل عنها، فحبلت ثم ولدت منه جارية ليس لها إلا رجل واحدة وهي اليسرى وأذن واحدة وهي اليمنى. فقال له بعض الجماعة: ألست كنت تعزل عن هذه الجارية؟!
فقال: من العزل حدثت البلية، لأني عزلت ثم عاودت الجماع قبل أن أبول فبقي في ذكري شيء من المني، فلما عاودت الجماع صارت تلك الفضلة إلى الرحم، فقبلها، ولم يكن في الفضلة ما يملأ القالب فخرج الولد ناقصا.
وسمع هذا القول جماعة من المتطببين فكلهم صوب قوله"
(إخبار العلماء بأخيار الحكماء) ص 288
(استنتاجه الطبي خطأ، ولا علاقة له بالحديث المقصود، فالنطفة الجزئية ليست أضعف من النطفة الكلية. حيوان منوي واحد - من الملايين الموجودة بالنطفة - يكفي. لكن أردت إيراده للفائدة)
"كانت ليوحنا جارية رومية وكان يأتيها ويعزل عنها، فحبلت ثم ولدت منه جارية ليس لها إلا رجل واحدة وهي اليسرى وأذن واحدة وهي اليمنى. فقال له بعض الجماعة: ألست كنت تعزل عن هذه الجارية؟!
فقال: من العزل حدثت البلية، لأني عزلت ثم عاودت الجماع قبل أن أبول فبقي في ذكري شيء من المني، فلما عاودت الجماع صارت تلك الفضلة إلى الرحم، فقبلها، ولم يكن في الفضلة ما يملأ القالب فخرج الولد ناقصا.
وسمع هذا القول جماعة من المتطببين فكلهم صوب قوله"
(إخبار العلماء بأخيار الحكماء) ص 288
(استنتاجه الطبي خطأ، ولا علاقة له بالحديث المقصود، فالنطفة الجزئية ليست أضعف من النطفة الكلية. حيوان منوي واحد - من الملايين الموجودة بالنطفة - يكفي. لكن أردت إيراده للفائدة)
تعليقات
إرسال تعليق