شبهات: المسخ، والعقل

الشبهة:
كيف يمكن التوفيق بين حديث النهي عن ضرب الوجه وأحاديث مسخ بعض البشر قردة وخنازير؟
ما دام سبب النهي هو أن الله "خلق آدم على صورته"، فكيف يستقيم هذا مع تشويه إنسان إلى صورة حيوان؟

الرد:
تمهيد: حديث "الصورة" مشهور، وفيه خلاف في عودة الضمير، الأول، إما أن آدم كان مخلوقا على صورة الله.. لكن دون تمثيل ولا تشبيه، حيث "ليس كمثله شيء".. وبالتالي قالوا: له يد كما أن لله يدا لكن ليست اليد كاليد، ولا تخطر صورة الله على ذهن البشر أساسا، "كل ما خطر في بالك - عن صورة الله - فالله غير ذلك".
وإثبات وجود صورة للرب هو جزء من العقيدة الإسلامية، دافع عنه السلفيون والحنابلة لقرون طويلة، استدلالا بأحاديث مثل حديث يوم القيامة "فيأتيهم الله في صورة غير صورته التي يعرفون" (أي التي شاهدوها في بداية يوم القيامة عندما نزل الله والملائكة في غمام)
والثاني، أن الضمير يعود على آدم نفسه. أي: خلقه الله على صورة مكتملة، لم يمر بأطوار طفولة، بل بدأ حياته كتمثال رجل دبت فيه الحياة.

أما عن المقارنة بين حديث النهي عن إهانة الوجه وبين حديث المسخ فـ: النهي موجه للبشر، لا للإله!
مثل حديث النهي عن الحرق بالنار، وكيف أن أحد الصحابة عتب على علي بن أبي طالب عندما استخدمها كوسيلة لقتل الزنادقة. فمن العبث مثلا أن نأخذ حديث نهي الناس عن التعذيب بالنار ثم نستنتج منه أن تعذيب الله للناس في جهنم "حرام"!
ومثل من يولدون مشوهين، أو من تصيبهم حوادث تشوه وجوههم. هي أفعال ربانية، والله لا يُسأل عما يفعل، ولا يجوز أن نأخذ هذه الأمثلة كمبرر لـ "تقليد الله"!
الخلاصة: الله له أن يمسخ، أما أنت فلا يحق لك أن تضرب العدو في وجهه حتى وأنت تقاتله في حرب.
=====

الشبهة:
عضلة القلب يمكن أن نستبدل بها أخرى مستخرجة من شخص آخر، أو قلبا صناعيا. كيف يمكن التوفيق بين هذا وبين أن العقل مكانه القلب؟

الرد:
تمهيد: تنتشر بين الإعجازيين خرافة - مبنية على تشويه لبعض الدراسات - أن القلب الجديد يعطيك مهارات الشخص الأصلي!
الحقيقة هي أن الدراسات أشارت لحالات نادرة - حوالي 3 بالمائة - تتغير فيها شخصية المريض بعد العملية. هذا التغير نادر، أي أن أغلب القلوب المزروعة لا تأتي جالبة معها "عقل المتبرع". ثانيا: الدراسة لا تقول "اكتساب عقل المتبرع" بل "تغير شخصية المريض". وهو شيء متوقع بعد عمليات كبرى يعيش فيها المريض في قلق خوفا من الوفاة.. فتغير شخصيته بعد نجاح العملية شيء متوقع! كأن يقرر ممارسة الرياضة أو أن يتعلم مهارة جديدة كالعزف على البيانو، إلخ. ثالثا: لو عرف المريض شيئا عن حياة المتبرع الميت - مع أن هذه المعلومات ممنوعة، وعملية التبرع تكون مجهولة - فقد يقلده، كنوع من المشاركة العاطفية أو العرفان بالجميل. فلا علاقة لهذا بـ "ذاكرة القلب المزروع" كما يزعم البعض.

أما عن معنى القلب إسلاميا، فالعقل موضعه القلب فعلا لا المخ.
أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آَذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ

لاحظ: العقل موجود في القلب الذي هو في الصدر.
حل الإشكال: العقل مثله مثل الروح، غير مادي.. لا يخرج من الجسم مع تغيير عضو القلب المادي، بل يحل في العضو الجديد.. كما أن الروح لا "تنقص" عند بتر عضو من أعضاء الجسم.
"العقل" هنا هو الضمير والهوى، وهي جزء من دراسة النفس وعلم النفس، لا دراسة المخ والأعصاب.
ثانيا، قد يعترض البعض، بناء على أن تعرض المخ للصدمات يؤثر على طباع الإنسان أحيانا.
الرد: المخ مسؤول عن وظائف الأعضاء، ووظائف الأعضاء إن اختلت قد تؤثر فعلا على الشخصية، لأن العقل السليم في الجسم السليم.. لكن المقصود بـ "العقل" إسلاميا هو اختيارات الإنسان النابعة من معتقداته وهواه.
اختلال المخ يشبه تناول المخدرات أو الجنون، أي أنه حالة عضوية مادية تؤثر على أفعالك وقراراتك، لكنها تختلف عن القرارات الواعية النابعة من الضمير.
يمكن للوعاء أن يتغير، لكن محتواه لا يتأثر.

- المسألة تحتاج مزيد بحث، من ناحية اللغة وفهم العرب للكلمة، حيث أن اللغة فيها كلمات متنوعة: فؤاد، قلب، لب.
وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغاً إِنْ كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلَا أَنْ رَبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ


تعليقات

  1. هههههه بارك الله فيك يا أسامة على هذا التوضيح فيما يتعلق بالعقل
    مرت علي حين غفلة معلومة الإعجازيين أو إن صح التعبير هفوتهم
    وبقيت في العقل الباطن إلى غاية اليوم

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

100 Arabic words in Frank Herbert's Dune

Mobile Movies

Darth Vader's Jewish Origin - The Golem of Star Wars