عن الشياطين: تجسدهم وتأثيرهم المادي
حديث أبي هريرة
"... فقال النبي : «أما إنه قد صدقك وهو كذوب، تعلم من تخاطب منذ ثلاث ليال يا أبا هريرة»، قال: لا، قال: «ذاك شيطان»"
صحيح البخاري (3/ 101) باب: " صفة إبليس وجنوده"
حديث النهي عن قتل حيات البيوت قبل إيذانها (لاحتمالية أنها جني متجسد).
"إن بالمدينة نفرا من الجن قد أسلموا، فمن رأى شيئا من هذه العوامر فليؤذنه ثلاثا، فإن بدا له بعد فليقتله، فإنه شيطان"
صحيح مسلم (4/ 1757)
وهو نص صريح في تجسدهم الحيواني.
"كان جبريل يظهر للنبي تارة في صورة دحية الكلبي وتارة في صورة أعرابي ويراه كثير من الناس عيانا وما في خيال الإنسان لا يراه غيره، وكذلك كما ظهر إبليس للمشركين في صورة الشيخ النجدي وظهر لهم يوم بدر في صورة سراقة بن مالك بن جعشم فلما رأى الملائكة هرب"
(الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح لابن تيمية) (2/ 329)
"... أبا هريرة رآه في صورة مسكين على هيئة الإنس، وهو دال على أن الشياطين والجن يتشكلون في غير صورهم كما تتشكل الملائكة في هيئة الآدميين"
عمدة القاري (7/ 102)
فالتجسد الشيطاني ثابت عند أهل السنة، سواء في صورة بشرية أو حيوانية.
وبإثبات تأثيرهم المادي نجح ابن تيمية في تفسير الخوارق التي قد تظهر على أيدي الزنادقة والكفار.
الشيطان يبيت في الأنف.. يجري منا مجرى الدم.. يضع شعلة لهب في وجه الرسول وهو يصلي.. يشعر الرسول ببرد لعابه (أي أن للشياطين لعاب كالبشر)
الغيبيات نصدقها بالخبر، لا بالتجربة والحس والمشاهدة.
وكما قال هملت لهوراشيو في مسرحية شكسبير:
"... فقال النبي : «أما إنه قد صدقك وهو كذوب، تعلم من تخاطب منذ ثلاث ليال يا أبا هريرة»، قال: لا، قال: «ذاك شيطان»"
صحيح البخاري (3/ 101) باب: " صفة إبليس وجنوده"
حديث النهي عن قتل حيات البيوت قبل إيذانها (لاحتمالية أنها جني متجسد).
"إن بالمدينة نفرا من الجن قد أسلموا، فمن رأى شيئا من هذه العوامر فليؤذنه ثلاثا، فإن بدا له بعد فليقتله، فإنه شيطان"
صحيح مسلم (4/ 1757)
وهو نص صريح في تجسدهم الحيواني.
"كان جبريل يظهر للنبي تارة في صورة دحية الكلبي وتارة في صورة أعرابي ويراه كثير من الناس عيانا وما في خيال الإنسان لا يراه غيره، وكذلك كما ظهر إبليس للمشركين في صورة الشيخ النجدي وظهر لهم يوم بدر في صورة سراقة بن مالك بن جعشم فلما رأى الملائكة هرب"
(الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح لابن تيمية) (2/ 329)
"... أبا هريرة رآه في صورة مسكين على هيئة الإنس، وهو دال على أن الشياطين والجن يتشكلون في غير صورهم كما تتشكل الملائكة في هيئة الآدميين"
عمدة القاري (7/ 102)
فالتجسد الشيطاني ثابت عند أهل السنة، سواء في صورة بشرية أو حيوانية.
وبإثبات تأثيرهم المادي نجح ابن تيمية في تفسير الخوارق التي قد تظهر على أيدي الزنادقة والكفار.
الشيطان يبيت في الأنف.. يجري منا مجرى الدم.. يضع شعلة لهب في وجه الرسول وهو يصلي.. يشعر الرسول ببرد لعابه (أي أن للشياطين لعاب كالبشر)
الغيبيات نصدقها بالخبر، لا بالتجربة والحس والمشاهدة.
وكما قال هملت لهوراشيو في مسرحية شكسبير:
"There are more things in heaven and earth, Horatio, Than are dreamt of in your philosophy"
=====
قصة الشجرة والدينارين
ابن الجوزي:
"قال القرشي: وسمعت سعيد بن سليمان يحدث عن المبارك بن فضالة عن الحسن قال
كانت شجرة تعبد من دون الله، فجاء إليها رجل فقال: لأقطعن هذه الشجرة.
فجاء ليقطعها غضبا لله، فلقيه إبليس في صورة إنسان، فقال: ما تريد؟
قال: أريد أن أقطع هذه الشجرة التي تعبد من دون الله.
قال: إذا أنت لم تعبدها فما يضرك من عبدها؟
قال: لأقطعنها.
فقال له الشيطان: هل لك فيما هو خير لك؟ لا تقطعها ولك ديناران كل يوم إذا أصبحت، عند وسادتك.
قال: فمن أين لي ذلك؟
قال أنا لك.
فرجع، فأصبح فوجد دينارين عند وسادته، ثم أصبح بعد ذلك فلم يجد شيئا، فقام غضبا ليقطعها
فتمثل له الشيطان في صورته وقال: ما تريد؟
قال: أريد قطع هذه الشجرة التي تعبد من دون الله تعالى.
قال: كذبت، مالك إلى ذلك من سبيل.
فذهب ليقطعها فضرب به الأرض وخنقه حتى كاد يقتله.
قال: أتدري من أنا؟ أنا الشيطان، جئت أول مرة غضبا فلم يكن لي عليك سبيل، فخدعتك بالدينارين، فتركتها، فلما جئت غضبا للدينارين سلطت عليك.
(تلبيس إبليس)
قصة شيطانة العزى التي شاهدها خالد ابن الوليد.
"قال هشام: وحدثني أبي عن أبي صالح عن ابن عباس رضي الله عنهما قال
كانت العزى شيطانة تأتي ثلاث سمرات ببطن نخلة فلما افتتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة بعث خالد بن الوليد فقال: ائت بطن نخلة فإنك تجد ثلاث سمرات فاعتضد الأولى فأتاها فعضدها. فلما جاء إليه قال: هل رأيت شيئا؟ قال: لا. قال: فاعضد الثانية. فأتاها فعضدها. ثم أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: هل رأيت شيئا؟ قال: لا. قال: فاعضد الثالثة. فأتاها فإذا هو بجنية نافشة شعرها واضعة يديها على عاتقها تصر بأنيابها وخلفها ديبة السلمي وكان سادنها"
(تلبيس إبليس)
=====
ابن الجوزي:
"قال القرشي: وسمعت سعيد بن سليمان يحدث عن المبارك بن فضالة عن الحسن قال
كانت شجرة تعبد من دون الله، فجاء إليها رجل فقال: لأقطعن هذه الشجرة.
فجاء ليقطعها غضبا لله، فلقيه إبليس في صورة إنسان، فقال: ما تريد؟
قال: أريد أن أقطع هذه الشجرة التي تعبد من دون الله.
قال: إذا أنت لم تعبدها فما يضرك من عبدها؟
قال: لأقطعنها.
فقال له الشيطان: هل لك فيما هو خير لك؟ لا تقطعها ولك ديناران كل يوم إذا أصبحت، عند وسادتك.
قال: فمن أين لي ذلك؟
قال أنا لك.
فرجع، فأصبح فوجد دينارين عند وسادته، ثم أصبح بعد ذلك فلم يجد شيئا، فقام غضبا ليقطعها
فتمثل له الشيطان في صورته وقال: ما تريد؟
قال: أريد قطع هذه الشجرة التي تعبد من دون الله تعالى.
قال: كذبت، مالك إلى ذلك من سبيل.
فذهب ليقطعها فضرب به الأرض وخنقه حتى كاد يقتله.
قال: أتدري من أنا؟ أنا الشيطان، جئت أول مرة غضبا فلم يكن لي عليك سبيل، فخدعتك بالدينارين، فتركتها، فلما جئت غضبا للدينارين سلطت عليك.
(تلبيس إبليس)
قصة شيطانة العزى التي شاهدها خالد ابن الوليد.
"قال هشام: وحدثني أبي عن أبي صالح عن ابن عباس رضي الله عنهما قال
كانت العزى شيطانة تأتي ثلاث سمرات ببطن نخلة فلما افتتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة بعث خالد بن الوليد فقال: ائت بطن نخلة فإنك تجد ثلاث سمرات فاعتضد الأولى فأتاها فعضدها. فلما جاء إليه قال: هل رأيت شيئا؟ قال: لا. قال: فاعضد الثانية. فأتاها فعضدها. ثم أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: هل رأيت شيئا؟ قال: لا. قال: فاعضد الثالثة. فأتاها فإذا هو بجنية نافشة شعرها واضعة يديها على عاتقها تصر بأنيابها وخلفها ديبة السلمي وكان سادنها"
(تلبيس إبليس)
=====
قصة ابن تيمية مع الجن
"هؤلاء المستغيثون بالغائبين والميتين عند قبورهم وغير قبورهم - لما كانوا من جنس عباد الأوثان - صار الشيطان يضلهم ويغويهم كما يضل عباد الأوثان ويغويهم، فتتصور الشياطين في صورة ذلك المستغاث به وتخاطبهم بأشياء على سبيل المكاشفة كما تخاطب الشياطين الكهان. وبعض ذلك صدق لكن لا بد أن يكون في ذلك ما هو كذب، بل الكذب أغلب عليه من الصدق.
وقد تقضي الشياطين بعض حاجاتهم وتدفع عنهم بعض ما يكرهونه، فيظن أحدهم أن الشيخ هو الذي جاء من الغيب حتى فعل ذلك، أو يظن أن الله تعالى صور ملكا - على صورته - فعل ذلك. ويقول أحدهم: هذا سر الشيخ وحاله.
وإنما هو الشيطان تمثل على صورته ليضل المشرك به المستغيث به، كما تدخل الشياطين في الأصنام وتكلم عابديها وتقضي بعض حوائجهم كما كان ذلك في أصنام مشركي العرب وهو اليوم موجود في المشركين من الترك والهند وغيرهم.
وأعرف من ذلك وقائع كثيرة في أقوام استغاثوا بي وبغيري في حال غيبتنا عنهم فرأوني أو ذاك الآخر الذي استغاثوا به قد جئنا في الهواء ودفعنا عنهم.. ولما حدثوني بذلك بينت لهم أن ذلك إنما هو شيطان تصور بصورتي وصورة غيري من الشيوخ الذين استغاثوا بهم ليظنوا أن ذلك كرامات للشيخ فتقوى عزائمهم في الاستغاثة بالشيوخ الغائبين والميتين.
وهذا من أكبر الأسباب التي بها أشرك المشركون وعبدة الأوثان"
"وكثير من هؤلاء يطير في الهواء وتكون الشياطين قد حملته وتذهب به إلى مكة وغيرها ويكون مع ذلك زنديقا يجحد الصلاة وغيرها مما فرض الله ورسوله ويستحل المحارم التي حرمها الله ورسوله.
وإنما يقترن به أولئك الشياطين لما فيه من الكفر والفسوق والعصيان حتى إذا آمن بالله ورسوله وتاب والتزم طاعة الله ورسوله فارقته تلك الشياطين وذهبت تلك الأحوال الشيطانية من الإخبارات والتأثيرات.
وأنا أعرف من هؤلاء عددا كثيرا بالشام ومصر والحجاز واليمن، وأما الجزيرة والعراق وخراسان والروم ففيها من هذا الجنس أكثر مما بالشام وغيرها وبلاد الكفار من المشركين وأهل الكتاب أعظم"
(مجموع الفتاوى) (1/ 363)
"يصعد أحدهم في الهواء، ويحدثهم بأمور غائبة، ويبقى الدف الذي يغنى لهم به يمشي في الهواء، ويضرب رأس أحدهم إذا خرج عن طريقهم ولا يرون أحدا يضرب له، ويطوف الإناء الذي يشربون منه عليهم ولا يرون من يحمله، ويكون أحدهم في مكان فمن نزل منهم عنده ضيّفه طعاما يكفيهم ويأتيهم بألوان مختلفة.
وذلك من الشياطين تأتيه من تلك المدينة القريبة منه أو من غيرها، تسرقه وتأتي به"
"صار كثير من الناس لا يعلمون ما للسحرة والكهان، وما يفعله الشياطين من العجائب، وظنوا أنها لا تكون إلا لرجل صالح؛ فصار من ظهرت هذه له يظن أنها كرامة، فيقوى قلبه بأن طريقته هي طريقة الأولياء.. وكذلك غيرهم يظن فيه ذلك ثم يقولون: الولي إذا تولى لا يعترض عليه.
فمنهم من يراه مخالفا لما علم بالاضطرار من دين الرسول مثل ترك الصلاة المفروضة وأكل الخبائث كالخمر والحشيشة والميتة وغير ذلك وفعل الفواحش والفحش والتفحش في المنطق وظلم الناس وقتل النفس بغير حق والشرك بالله وهو مع ذلك يظن فيه أنه ولي من أولياء الله قد وهبه هذه الكرامات بلا عمل فضلا من الله تعالى، ولا يعلمون أن هذه من أعمال الشياطين، وأن هذه من أولياء الشياطين تضل بها الناس وتغويهم.
ودخلت الشياطين في أنواع من ذلك، فتارة يأتون الشخص في النوم يقول أحدهم: أنا أبو بكر الصديق وأنا أتوبك لي وأصير شيخك وأنت تتوب الناس لي. ويلبسه فيصبح وعلى رأسه ما ألبسه، فلا يشك أن الصديق هو الذي جاءه ولا يعلم أنه الشيطان.
وقد جرى مثل هذا لعدة من المشايخ بالعراق والجزيرة والشام، وتارة يقص شعره في النوم فيصبح فيجد شعره مقصوصا، وتارة يقول: أنا الشيخ فلان. فلا يشك أن الشيخ نفسه جاءه وقص شعره.
وكثيرا ما يستغيث الرجل بشيخه الحي أو الميت فيأتونه في صورة ذلك الشيخ، وقد يخلصونه مما يكره، فلا يشك أن الشيخ نفسه جاءه أو أن ملكا تصور بصورته وجاءه.. ولا يعلم أن ذلك الذي تمثل إنما هو الشيطان، لما أشرك بالله أضلته الشياطين، والملائكة لا تجيب مشركا.
وتارة يأتون إلى من هو خال في البرية، وقد يكون ملكا أو أميرا كبيرا ويكون كافرا وقد انقطع عن أصحابه وعطش وخاف الموت، فيأتيه في صورة إنسي ويسقيه ويدعوه إلى الإسلام ويتوبه، فيسلم على يديه ويتوبه ويطعمه ويدله على الطريق ويقول: من أنت؟ فيقول: أنا فلان. ويكون من مؤمني الجن.
كما جرى مثل هذا لي. كنت في مصر في قلعتها وجرى مثل هذا إلى كثير من الترك من ناحية المشرق، وقال له ذلك الشخص: أنا ابن تيمية. فلم يشك ذلك الأمير أني أنا هو، وأخبر بذلك ملك ماردين، وأرسل بذلك ملك ماردين إلى ملك مصر رسولا، وكنت في الحبس؛ فاستعظموا ذلك. وأنا لم أخرج من الحبس ولكن كان هذا جنيا يحبنا فيصنع بالترك التتر مثل ما كنت أصنع بهم لما جاؤوا إلى دمشق.. كنت أدعوهم إلى الإسلام فإذا نطق أحدهم بالشهادتين أطعمتهم ما تيسر. فعمل معهم مثل ما كنت أعمل، وأراد بذلك إكرامي ليظن ذاك أني أنا الذي فعلت ذلك.
قال لي طائفة من الناس: فلم لا يجوز أن يكون ملكا؟ قلت: لا، إن الملَك لا يكذب، وهذا قد قال أنا ابن تيمية وهو يعلم أنه كاذب في ذلك.
وكثير من الناس رأى من قال: إني أنا الخضر. وإنما كان جنيا. ثم صار من الناس من يكذب بهذه الحكايات إنكارا، لموت الخضر.. والذين قد عرفوا صدقها يقطعون بحياة الخضر. وكلا الطائفتين مخطئ. فإن الذين رأوا من قال: "إني أنا الخضر" هم كثيرون صادقون والحكايات متواترات؛ لكن أخطئوا في ظنهم أنه الخضر، وإنما كان جنيا.
ولهذا يجري مثل هذا لليهود والنصارى. فكثيرا ما يأتيهم في كنائسهم من يقول إنه الخضر وكذلك اليهود يأتيهم في كنائسهم من يقول إنه الخضر وفي ذلك من الحكايات الصادقة ما يضيق عنه هذا الموضع يبين صدق من رأى شخصا وظن أنه الخضر وأنه غلط في ظنه أنه الخضر وإنما كان جنيا.
وقد يقول: أنا المسيح أو موسى أو محمد أو أبو بكر أو عمر أو الشيخ فلان. فكل هذا قد وقع. والنبي صلى الله عليه وسلم قال: { من رآني في المنام فقد رآني حقا، فإن الشيطان لا يتمثل في صورتي}، قال ابن عباس: في صورته التي كان عليها في حياته.
وهذه رؤية في المنام، وأما في اليقظة فمن ظن أن أحدا من الموتى يجيء بنفسه للناس عيانا قبل يوم القيامة فمن جهله أُتي.
ومن هنا ضلت النصارى حيث اعتقدوا أن المسيح بعد أن صلب - كما يظنون - أنه أتى إلى الحواريين وكلمهم ووصاهم. وهذا مذكور في أناجيلهم وكلها تشهد بذلك.
وذاك الذي جاء كان شيطانا قال: أنا المسيح. ولم يكن هو المسيح نفسه. ويجوز أن يشتبه مثل هذا على الحواريين كما اشتبه على كثير من شيوخ المسلمين، ولكن ما أخبرهم المسيح قبل أن يرفع بتبليغه فهو الحق الذي يجب عليهم تبليغه، ولم يرفع حتى بلغ رسالات ربه، فلا حاجة إلى مجيئه بعد أن رفع إلى السماء.
وأصحاب الحلاج لما قتل كان يأتيهم من يقول أنا الحلاج فيرونه في صورته عيانا. وكذلك شيخ بمصر يقال له الدسوقي بعد أن مات كان يأتي أصحابه من جهته رسائل وكتب مكتوبة. وأراني صادق من أصحابه الكتاب الذي أرسله فرأيته بخط الجن - وقد رأيت خط الجن غير مرة - وفيه كلام من كلام الجن وذاك المعتقد يعتقد أن الشيخ حي وكان يقول: انتقل ثم مات.
وكذلك شيخ آخر كان بالمشرق وكان له خوارق من الجن، وقيل كان بعد هذا يأتي خواص أصحابه في صورته فيعتقدون أنه هو.
وهكذا الذين كانوا يعتقدون بقاء علي أو بقاء محمد بن الحنفية قد كان يأتي إلى بعض أصحابهم جني في صورته. وكذا منتظر الرافضة قد يراه أحدهم أحيانا ويكون المرئي جنيا.
فهذا باب واسع واقع كثيرا، وكلما كان القوم أجهل كان عندهم أكثر. ففي المشركين أكثر مما في النصارى وهو في النصارى كما هو في الداخلين في الإسلام"
وقد تقضي الشياطين بعض حاجاتهم وتدفع عنهم بعض ما يكرهونه، فيظن أحدهم أن الشيخ هو الذي جاء من الغيب حتى فعل ذلك، أو يظن أن الله تعالى صور ملكا - على صورته - فعل ذلك. ويقول أحدهم: هذا سر الشيخ وحاله.
وإنما هو الشيطان تمثل على صورته ليضل المشرك به المستغيث به، كما تدخل الشياطين في الأصنام وتكلم عابديها وتقضي بعض حوائجهم كما كان ذلك في أصنام مشركي العرب وهو اليوم موجود في المشركين من الترك والهند وغيرهم.
وأعرف من ذلك وقائع كثيرة في أقوام استغاثوا بي وبغيري في حال غيبتنا عنهم فرأوني أو ذاك الآخر الذي استغاثوا به قد جئنا في الهواء ودفعنا عنهم.. ولما حدثوني بذلك بينت لهم أن ذلك إنما هو شيطان تصور بصورتي وصورة غيري من الشيوخ الذين استغاثوا بهم ليظنوا أن ذلك كرامات للشيخ فتقوى عزائمهم في الاستغاثة بالشيوخ الغائبين والميتين.
وهذا من أكبر الأسباب التي بها أشرك المشركون وعبدة الأوثان"
"وكثير من هؤلاء يطير في الهواء وتكون الشياطين قد حملته وتذهب به إلى مكة وغيرها ويكون مع ذلك زنديقا يجحد الصلاة وغيرها مما فرض الله ورسوله ويستحل المحارم التي حرمها الله ورسوله.
وإنما يقترن به أولئك الشياطين لما فيه من الكفر والفسوق والعصيان حتى إذا آمن بالله ورسوله وتاب والتزم طاعة الله ورسوله فارقته تلك الشياطين وذهبت تلك الأحوال الشيطانية من الإخبارات والتأثيرات.
وأنا أعرف من هؤلاء عددا كثيرا بالشام ومصر والحجاز واليمن، وأما الجزيرة والعراق وخراسان والروم ففيها من هذا الجنس أكثر مما بالشام وغيرها وبلاد الكفار من المشركين وأهل الكتاب أعظم"
(مجموع الفتاوى) (1/ 363)
"يصعد أحدهم في الهواء، ويحدثهم بأمور غائبة، ويبقى الدف الذي يغنى لهم به يمشي في الهواء، ويضرب رأس أحدهم إذا خرج عن طريقهم ولا يرون أحدا يضرب له، ويطوف الإناء الذي يشربون منه عليهم ولا يرون من يحمله، ويكون أحدهم في مكان فمن نزل منهم عنده ضيّفه طعاما يكفيهم ويأتيهم بألوان مختلفة.
وذلك من الشياطين تأتيه من تلك المدينة القريبة منه أو من غيرها، تسرقه وتأتي به"
"صار كثير من الناس لا يعلمون ما للسحرة والكهان، وما يفعله الشياطين من العجائب، وظنوا أنها لا تكون إلا لرجل صالح؛ فصار من ظهرت هذه له يظن أنها كرامة، فيقوى قلبه بأن طريقته هي طريقة الأولياء.. وكذلك غيرهم يظن فيه ذلك ثم يقولون: الولي إذا تولى لا يعترض عليه.
فمنهم من يراه مخالفا لما علم بالاضطرار من دين الرسول مثل ترك الصلاة المفروضة وأكل الخبائث كالخمر والحشيشة والميتة وغير ذلك وفعل الفواحش والفحش والتفحش في المنطق وظلم الناس وقتل النفس بغير حق والشرك بالله وهو مع ذلك يظن فيه أنه ولي من أولياء الله قد وهبه هذه الكرامات بلا عمل فضلا من الله تعالى، ولا يعلمون أن هذه من أعمال الشياطين، وأن هذه من أولياء الشياطين تضل بها الناس وتغويهم.
ودخلت الشياطين في أنواع من ذلك، فتارة يأتون الشخص في النوم يقول أحدهم: أنا أبو بكر الصديق وأنا أتوبك لي وأصير شيخك وأنت تتوب الناس لي. ويلبسه فيصبح وعلى رأسه ما ألبسه، فلا يشك أن الصديق هو الذي جاءه ولا يعلم أنه الشيطان.
وقد جرى مثل هذا لعدة من المشايخ بالعراق والجزيرة والشام، وتارة يقص شعره في النوم فيصبح فيجد شعره مقصوصا، وتارة يقول: أنا الشيخ فلان. فلا يشك أن الشيخ نفسه جاءه وقص شعره.
وكثيرا ما يستغيث الرجل بشيخه الحي أو الميت فيأتونه في صورة ذلك الشيخ، وقد يخلصونه مما يكره، فلا يشك أن الشيخ نفسه جاءه أو أن ملكا تصور بصورته وجاءه.. ولا يعلم أن ذلك الذي تمثل إنما هو الشيطان، لما أشرك بالله أضلته الشياطين، والملائكة لا تجيب مشركا.
وتارة يأتون إلى من هو خال في البرية، وقد يكون ملكا أو أميرا كبيرا ويكون كافرا وقد انقطع عن أصحابه وعطش وخاف الموت، فيأتيه في صورة إنسي ويسقيه ويدعوه إلى الإسلام ويتوبه، فيسلم على يديه ويتوبه ويطعمه ويدله على الطريق ويقول: من أنت؟ فيقول: أنا فلان. ويكون من مؤمني الجن.
كما جرى مثل هذا لي. كنت في مصر في قلعتها وجرى مثل هذا إلى كثير من الترك من ناحية المشرق، وقال له ذلك الشخص: أنا ابن تيمية. فلم يشك ذلك الأمير أني أنا هو، وأخبر بذلك ملك ماردين، وأرسل بذلك ملك ماردين إلى ملك مصر رسولا، وكنت في الحبس؛ فاستعظموا ذلك. وأنا لم أخرج من الحبس ولكن كان هذا جنيا يحبنا فيصنع بالترك التتر مثل ما كنت أصنع بهم لما جاؤوا إلى دمشق.. كنت أدعوهم إلى الإسلام فإذا نطق أحدهم بالشهادتين أطعمتهم ما تيسر. فعمل معهم مثل ما كنت أعمل، وأراد بذلك إكرامي ليظن ذاك أني أنا الذي فعلت ذلك.
قال لي طائفة من الناس: فلم لا يجوز أن يكون ملكا؟ قلت: لا، إن الملَك لا يكذب، وهذا قد قال أنا ابن تيمية وهو يعلم أنه كاذب في ذلك.
وكثير من الناس رأى من قال: إني أنا الخضر. وإنما كان جنيا. ثم صار من الناس من يكذب بهذه الحكايات إنكارا، لموت الخضر.. والذين قد عرفوا صدقها يقطعون بحياة الخضر. وكلا الطائفتين مخطئ. فإن الذين رأوا من قال: "إني أنا الخضر" هم كثيرون صادقون والحكايات متواترات؛ لكن أخطئوا في ظنهم أنه الخضر، وإنما كان جنيا.
ولهذا يجري مثل هذا لليهود والنصارى. فكثيرا ما يأتيهم في كنائسهم من يقول إنه الخضر وكذلك اليهود يأتيهم في كنائسهم من يقول إنه الخضر وفي ذلك من الحكايات الصادقة ما يضيق عنه هذا الموضع يبين صدق من رأى شخصا وظن أنه الخضر وأنه غلط في ظنه أنه الخضر وإنما كان جنيا.
وقد يقول: أنا المسيح أو موسى أو محمد أو أبو بكر أو عمر أو الشيخ فلان. فكل هذا قد وقع. والنبي صلى الله عليه وسلم قال: { من رآني في المنام فقد رآني حقا، فإن الشيطان لا يتمثل في صورتي}، قال ابن عباس: في صورته التي كان عليها في حياته.
وهذه رؤية في المنام، وأما في اليقظة فمن ظن أن أحدا من الموتى يجيء بنفسه للناس عيانا قبل يوم القيامة فمن جهله أُتي.
ومن هنا ضلت النصارى حيث اعتقدوا أن المسيح بعد أن صلب - كما يظنون - أنه أتى إلى الحواريين وكلمهم ووصاهم. وهذا مذكور في أناجيلهم وكلها تشهد بذلك.
وذاك الذي جاء كان شيطانا قال: أنا المسيح. ولم يكن هو المسيح نفسه. ويجوز أن يشتبه مثل هذا على الحواريين كما اشتبه على كثير من شيوخ المسلمين، ولكن ما أخبرهم المسيح قبل أن يرفع بتبليغه فهو الحق الذي يجب عليهم تبليغه، ولم يرفع حتى بلغ رسالات ربه، فلا حاجة إلى مجيئه بعد أن رفع إلى السماء.
وأصحاب الحلاج لما قتل كان يأتيهم من يقول أنا الحلاج فيرونه في صورته عيانا. وكذلك شيخ بمصر يقال له الدسوقي بعد أن مات كان يأتي أصحابه من جهته رسائل وكتب مكتوبة. وأراني صادق من أصحابه الكتاب الذي أرسله فرأيته بخط الجن - وقد رأيت خط الجن غير مرة - وفيه كلام من كلام الجن وذاك المعتقد يعتقد أن الشيخ حي وكان يقول: انتقل ثم مات.
وكذلك شيخ آخر كان بالمشرق وكان له خوارق من الجن، وقيل كان بعد هذا يأتي خواص أصحابه في صورته فيعتقدون أنه هو.
وهكذا الذين كانوا يعتقدون بقاء علي أو بقاء محمد بن الحنفية قد كان يأتي إلى بعض أصحابهم جني في صورته. وكذا منتظر الرافضة قد يراه أحدهم أحيانا ويكون المرئي جنيا.
فهذا باب واسع واقع كثيرا، وكلما كان القوم أجهل كان عندهم أكثر. ففي المشركين أكثر مما في النصارى وهو في النصارى كما هو في الداخلين في الإسلام"
من مجموع الفتاوى
https://vb.tafsir.net/tafsir59261
https://www.youm7.com/story/2009/3/6/نصوص-خرافية-عند-الإمام-البخارى-فى-صورة-حديث-نبوى/76663
تعليقات
إرسال تعليق