اعتراض منطقي على الإعجاز العلمي في القرآن

[هل استفدنا علميا من القرآن؟]

يقول إبراهيم الشحات، مؤلف كتاب (آدم عليه السلام بين التطور والتطور الموجه والوحي):

"الآيات التي ذكرت الظواهر الكونية لم تذكرها لمجرد الذكر، أو لدراستها من الناحية العلمية التجريبية، وإنما ذكرتها في سياق الاستدلال على وجود الله أو كماله أو الهدايات المختلفة إلى أمور الغيب..
فآية مراحل الجنين ذكرت في سياق الاستدلال على إمكانية البعث، وآيات خلق السماء والأرض واختلاف الليل والنهار ذكرت في مقام الاستدلال على وجود الله وهكذا...
فالقراءة العلمية لنصوص القرآن حسب معطيات العلم التجريبي غير مقصودة لذاتها، ولم ينزل القرآن لإثبات هذه النظريات أو نفيها. وانظر صدر سورة يونس والأنعام والمؤمنون وفصلت والاستدلالات بالظواهر الكونية المبثوثة في الآيات الأخرى تجد أنها سيقت للدلالة على حقائق الغيب، وليس للدلالة على أن القرآن كتاب علم.
فإذا تعسفت في تذليل نصوص القرآن لتوافق "النظريات العلمية"، وأن القرآن كتاب علمي بامتياز سبق نيوتن وأينشتين (بل والمضحك في الموضوع سبق داروين!) فأنت لم تفهم ما القرآن ولا النظريات العلمية"

وأقول أيضا:
لو قطعنا بعض الآيات عن سياقها يمكن إسقاط تأويلات حديثة عليها، لكن بمجرد قراءتها في سياقها يظهر بوضوح أنها استدلال إيماني لا يقصد العلم.

وبالمنطق، لو العلم التجريبي كان موجودا بالفعل في الآية، فلماذا لم يفهمه السلف؟
وبافتراض أنه فاتهم، لماذا لم يفهمه أي مسلم ويستخرجه من النص ويفيد به البشر عمليا؟
لو افترضنا أن الآية فيها علم تجريبي لا يمكن للبشر الوصول إليه، فهو بالتالي غير "تجريبي"، لأن تجريبي معناها يمكن إثباته عمليا بالتجربة.
ولو افترضنا أنه مكتوب بشكل مبهم (وكأنه شفرة محفوظة للأجيال الحالية) فسيكون رد الغربي غير المؤمن: وما فائدته؟! نحن كغربيين وصلنا للعلم بالتجربة دون الحاجة لوحيكم، وأنتم عندكم الوحي وظل مجهولا بلا فائدة! بل ولم تزعموا وجوده أصلا إلا بعدنا!
المتنبئ يجب أن يصرح بنبوءته قبل حدوثها، بأن يقول مثلا: نتيجة المباراة غدا ستكون كذا. ثم يأتي الواقع فيصدقه أو يكذبه.
لكن لو لم يصرح في البداية، ثم جاء بعد المباراة وقال: "كنت أعلم من سيفوز"، فهل نصدقه؟

لو ابن عباس أو الطبري قالوا: آية تسوية البنان معناها العلمي هو وجود شيء اسمه بصمات الأصابع.. ثم جاء العلم - بعدها - وأثبت هذا، فيمكن ساعتها أن نقول: القرآن به علوم تجريبية.
لكن هذا لم يحدث إطلاقا، لأن القرآن ليس كتاب علوم تجريبية.

أنا درست نوستراداموس، وأعرف طريقة التحايل على أي نص بحيث يظهر وكأنه تنبأ بعلوم غير معروفة في زمانها. ولو طبقنا نفس طريقة الإعجاز العلمي على شعر نوستراداموس فسنجد فيه إخبار بعلم الطيران وبالحرب العالمية الثانية وبالحرب البيولوجية والأسلحة الحديثة. لكنها تفسيرات خاطئة، وتستخدم نفس أسلوب الإعجاز العلمي.

لو حاولنا استخراج حقائق علمية من القرآن سنجد أنها:
بسيطة، يفهمها البدوي بسهولة
وأنها معروفة للبشر بالفعل في زمن نزولها
وأنها غير مقصودة لذاتها. أي سياقها لا يقصد الإخبار العلمي، بل الاستدلال الإيماني.
ولم يحدث أبدا أن استفدنا من القرآن علميا.
هل تعرف اختراعا واحدا استخرجه المسلمون من القرآن قبل وصول الإغريق أو الصين أو فارس أو الهند أو أوروبا له؟

القرآن تكلم عن الشمس والقمر والنجوم، لكن وجود الشمس والقمر كان معروفا للجميع.. وأطوار القمر مرئية، كوكبات النجوم معروفة.
فهل أضاف القرآن معلومة علمية جديدة في الفلك؟
=====
نحن نرفض نظرية يؤمن بها 98% من العلماء المتخصصين في البيولوجي، لأنها متعارضة مع نصوص إيمانية تذكر تاريخ خلق الإنسان.
لكن لن نسمي إيماننا "علما تجريبيا". فالقرآن ليس كتاب علوم تجريبية.
=====
مثال: كلمة "فلك". مذكورة في القرآن، وفي اللغة العربية معناها الاستدارة/الدائرة.
حدث خلاف بين المفسرين وبين الفلكيين قديما. العلم وقتها كان يؤمن أن الفلك هو شيء مادي كريستالي، وأن كل جرم من الأجرام مرصع في فلك من الأفلاك، وأن هذا الفلك يتحرك وبالتالي يتحرك معه الكوكب أو القمر أو الشمس.
لكن المفسرين اعترضوا. قالوا: الظاهر من الآية أن القمر هو ما يسبح "في" الفلك، لا أن الفلك هو ما يتحرك بالقمر.

هل استفاد الفلكيون المسلمون من كلام المفسرين؟ للأسف لا. اقتنعوا بكلام بطليموس عن حركة الأفلاك الكريستالية، ولم يتم تصحيح المعلومة إلا في أوروبا بعد دراسة مسار المذنبات التي تعبر بين الأجرام دون "تكسير" أي أفلاك كريستالية مادية، ثم أكد نيوتن المسألة بقوانين الحركة التي تفسر حركة القمر دون وجود فلك مادي يحركه.

فالقرآن يناقض أخطاء العلم، لكن دون أن يعطينا أسلوبا علميا تجريبيا. ولا يشغل نفسه إطلاقا بتصحيح الأخطاء العلمية إلا عندما ترتبط بمسألة إيمانية. فليس كتاب علوم دنيوية، ولا موضوعه العلوم الدنيوية ولا الفلك ولا الطب ولا الكيمياء ولا البيولوجي.

لم يخبرنا بطرق تصنيع التطعيمات واللقاحات لإنقاذ ملايين الأطفال المسلمين، ولا ذكر لنا المسافة بين الأرض والشمس، ولا كان الرسول يعرف فائدة تلقيح النخل (ففسد المحصول)، ولا اهتم القرآن بذكر الكهرباء كي يسبق بها المسلمون النهضة العلمية الأوروبية، ولا ذكر لنا وجود قارات مجهولة كي نسارع باكتشافها والانتفاع بخيراتها قبل الكفار.. إلخ

[بل وصل الأمر بالبعض لنفي أن عودة البصر لإسرائيل عليه السلام هي معجزة أو كرامة ليوسف عليه السلام، وجعل الحادثة "علمية" بأن زعم أن العرق بشكل عام يشفي من العمى!]

باختصار: القرآن ليس كتاب علوم. كلمة "علم" المذكورة فيه معناها العقيدة والفقه، لا العلم التجريبي.


انظر:
http://aboutsalama.blogspot.com/2018/11/blog-post_22.html
https://vb.tafsir.net/tafsir56987
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=380363
#الإعجاز_العلمي
=====
إضافة 24 فبراير:

س: "إن هو إلا ذكر للعالمين ولتعلمن نبأه بعد حين"، "لكل نبإ مستقر وسوف تعلمون"
هل تشير للإعجاز العلمي؟
الإجابة: لا..
بل تفسيرها معروف في كتب التفسير. هي تهديد، وقد تحقق في الغزوات، وسيتحقق عند الموت ويوم القيامة.
أما اكتشاف بصمات الأصابع مثلا ولصقها تعسفا بالقرآن بأثر رجعي (في تفسير سقيم مستحدث) فلا تهديد فيه!

س: "وما يعزب عن ربك من مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا في كتاب مبين"
هل هي تنبؤ بوحدات أصغر من الذرة؟
الإجابة: لا..
وصفنا لوحدة بناء المادة بكلمة "ذرة" هو وصف مستحدث في اللغة!
تريد تطبيقه بأثر رجعي على القرآن؟! هل وصل التحريف لهذه الدرجة/الدركة؟!
فهم قبيح جدا! وكأنك كمن يقرأ كلمة "سيارة" في سورة يوسف فيزعم أن القرآن تنبأ بالسيارات ذات المحركات!
كلمة "ذرة" الشائعة اليوم هي معنى إضافي اصطلحنا عليه بعد نزول القرآن بقرون. ولم يتحدث القرآن عن "وحدة بناء المادة"!
اقرأ في "تطور اللغة" ومعنى كلمة "اصطلاح" وتاريخ تطور العلم.
عندما ترجم العرب أيام الأمويين والعباسيين كتب الإغريق أخذوا النظرية الذرية Atomic Theory وترجموها بكلمة "جوهر"، فقالوا: للحديد جوهر، وللذهب جوهر، إلخ.
فالقرآن نزل بلسان العرب في زمانه، لا بلسان "عرب ما بعد زمن الرسول"!
هذه بديهيات لا يفقهها الإعجازيون، كما هو واضح للأسف!
(وكلمة "أتوم" عند الإغريق تعني: ما لا ينقسم)

س: هل لو لم يشر القرآن لأي تنبؤات علمية ستحدث بحياة البشر كتطور وسائل المواصلات يمكن أن يقول الملحدون والكافرون من أهل الكتاب "هذا الكتاب الذي تزعمون أنه من الله تعالى لماذا لم يشر إلى أي شئ علمي أو تنبؤات ستحدث في حياة البشر؟ لنطمئن على الأقل أن الله تعالى فعلا هو عالم الغيب والشهادة وأنه يعرف ما سيجرى للبشر. لماذا كل كتابكم عقيدة وأحكام وأوامر ونواهي وأحداث تاريخية؟"
الإجابة:
نرد عليهم بأن القرآن ليس "على مزاجهم"، ولا يتكلم بما يريدون.
تماما كما قال الكفار للرسول:
"لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعا أو تكون لك جنة من نخيل وعنب فتفجر الأنهار خلالها تفجيرا أو تسقط السماء كما زعمت علينا كسفا أو تأتي بالله والملائكة قبيلا أو يكون لك بيت من زخرف أو ترقى في السماء ولن نؤمن لرقيك حتى تنزل علينا كتابا نقرؤه"
فعدم تحقق طلباتهم ليس عجزا. وعدم وجود "نبوءات علمية" ليس عجزا.
وتلفيق تفسير مستحدث لآيات قرآنية ثم الزعم أنها عن الاختراعات والاكتشافات هو "تفسير بأثر رجعي"، لا يظهر من الإعجازيين إلا "بعد"، لا "قبل".
كمن يفسرون "نبوءات" نوستراداموس بأنها كانت تشير لهتلر، لكن لا يقولون هذا التفسير إلا بعد ظهور هتلر!
وكمن يزعمون معرفتهم المسبقة بنتائج المباريات لكن لا يصرحون بالنتيجة إلا بعد انتهاء المباراة!

الخلاصة: التفسير بأثر رجعي ليس معجزة.. بل يستطيعه أي شخص.




تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

100 Arabic words in Frank Herbert's Dune

Mobile Movies

Darth Vader's Jewish Origin - The Golem of Star Wars