عن المسيح الدجال
من هو
؟!
لقد خلق
الله في هذه الدنيا عدة شخصيات متفردة , لا مثيل لها . تظهر علي مسرح الأحداث لتقوم
بدورها ثم تعود لتختفي , والدجال من هذه الشخصيات . في الغرب يسمونه
Anti- Christ
أي "ضد المسيح" , وعندنا هو "المسيح
الدجال" مسيح الضلالة , للتفرقة بينه وبين مسيح الرحمة والهداية عيسى عليه السلام .
التقارب بين الاسمين له مغزى خاص , فكما روي لنا الرسول صلي الله عليه وسلم , فإن
المسيح عيسى سيقتل المسيح الدجال بحربته , منهيا حياته , ومعها تقارب فترة الفتنة
علي الانتهاء . تلك الفتنة التي سيدعي فيها الدجال أنه رسول بعد محمد خاتم الأنبياء
وسيصدقه البعض من المسلمين ! , ثم سيلبث مدة ويدعي بعدها أنه هو رب السماوات والأرض
, وللأسف سيتبعه الكثير من الناس أيضا !! .. محنة شديدة عافانا الله منها وإياكم .
ما من
نبي إلا وحذر قومه من الدجال , حتى جاء لنا الرسول وبين بأحاديث واضحة صريحة لا
يشوبها غموض كيف سيكون شكل الدجال وماذا سيقول وكيف سينخدع الناس بسحره وشياطينه ,
وهن سنوضح بعض ما وصلنا من أخباره .
في
البداية , أيام الرسول والصحابة , كان هناك رجل يهودي _والدجال قريب للغاية من
اليهود كما ستري فيما بعد !_ يسكن بالقرب من المدينة المنورة , اسمه صاف ابن صياد .
سمع الرسول عنه أخبارا فشك في حقيقته وظن أنه الدجال بالفعل فذهب مستخفيا مع عمر بن
الخطاب ليري ويتأكد بنفسه . كان ابن صياد صغيرا ونائما بالقرب من نخلة يتمتم في
نومه بكلام غير مفهوم , عندما حاول الرسول أن يسمع ماذا يقول خرجت أمه من المنزل
وأيقظته وحذرته من أن الرسول جاء ليستمع إليه , فقال النبي "لو تركته بيّن" أي لو
كانت تركته لغمغمته لفهم الرسول حقيقته وعرف إن كان هو الدجال أم لا . قام صاف بن
صياد وتحاور مع النبي قليلا مما كشف عن صلته بالشياطين وسحرهم , فأراد ابن الخطاب
أن يقتله فمنعه الرسول وقال قولته المشهورة "إن يكن هو فلن تسلط عليه , وإن لم يكن
هو فلا خير لك في قتله " , لتأكد الرسول من أن الوحيد الذي سيقتل الدجال الحقيقي هو
المسيح بن مريم .
وهكذا
ساد الاعتقاد عند أغلب علماء المسلمين أن ابن صياد ليس هو الدجال الذي سيخرج في آخر
الزمان و إن كان دجالا صغيرا يهوديا . وأكد هذا أن أحد الصحابه رضوان الله عليهم
رأي الدجال الحقيقي بنفسه وهو مكبل بالأغلال انتظارا ليوم خروجه علي العالم ! ,
وهذا الصحابي هو تميم الداري . كان نصرانيا وأسلم فجاء للرسول صلي الله عليه وسلم
وأخبره بقصة رحلة من رحلاته التي قام بها قبل الإسلام ورأي فيها الجساسة وهي تعيش
مع الدجال المحبوس علي جزيرة بعيدة . وتلك الجساسة هي دابة غريبة الشكل غزيرة الشعر.
والحديث
الذي رواه تميم الداري هو حديث صحيح رواه الإمام مسلم , ويتلخص في أن الدجال موجود
الآن بالفعل علي الجزيرة المجهولة التي وصل إليها تميم بسفينته , وأنه ينتظر أن
يأذن له الله بالخروج علي الناس فيسير بينهم بالشر . ويدخل كل مدينة علي وجه الأرض
إلا مكة والمدينة لأن الملائكة تمنعه منهما , ويكون الزمان زمن مجاعة وجفاف فيمر
الدجال علي جماعة من الناس ويأمرهم أن يعبدوه من دون الله , فإن أطاعوه أعطاهم ذهبا
وخبزا وماء وإن عصوه سلط عليهم الجفاف أكثر وأكثر , وهذا من ابتلاء الله لخلقه .
وسيمر الدجال علي بلد من البلاد فيخرج له الناس , والرسول أمرنا أن نقرأ ونحفظ آيات
معينة من سورة الكهف لتحفظنا من الدجال إن رأيناه , فسيكون معه شبه النار وشبه
الجنة , من كفر بالله وعبد الدجال قذفه في جنته ومن تمسك بدين الله قذفه في ناره .
والأمر لا يعدو أن يكون وهما , فجنته نار وناره هي في الحقيقة جنة كما أخبرنا
الرسول في حديثه .
الفترة الزمنية التي
سيبقاها الدجال علي الأرض حددتها الأحاديث بأربعين يوما , ولكنها أيام عجيبة في
طولها وتختلف بعض الشيء عن أيامنا هذه المعتادة . يوم كسنة ويوم كشهر ويوم كجمعة
(أي كأسبوع) وباقي الأيام كأيامنا هذه .. فيصبح المجموع سنة وشهرين ونصف بالتمام ,
ينزل بعدها عيسى بن مريم ليقتل الدجال علي أحد أبواب المسجد الأقصى وفوق أرض فلسطين
.
كيف سيكون شكله ؟
الدجال اختلف العلماء
فيه جنسه , هل هو من الإنس أم من شياطين الجن , والأرجح أنه بشري ولكنه يستعين
بالشياطين واليهود لقضاء مفاسده في الأرض . وسيكون شكله مميزا جدا بحيث يعرف كل من
يراه حقيقة كذبه , ومع ذلك سيتبعه الآلاف _من اليهود خاصة كما جاء في الحديث سيسير
معه سبعون ألفا_ , ومكتوب علي جبينه كلمة (ك - ف- ر) يقرأها كل الناس حتى من
لا يعرف القراءة . وهو أعور .
ما وقت خروجه ؟
عندما يعلن المهدي
عودة الخلافة الإسلامية , ويحارب ليوحد بلاد الإسلام مرة أخري (كما فعل صلاح الدين)
, سيثير هذا أوربا (الروم) ويخيفها من قوة الإسلام واحتمالية حكمه للعالم , لاسيما
أن العديد من الروم سيكونون قد أسلموا بالفعل ويشكل الإسلام خطرا علي المصالح
الأوربية , ستنشب الحرب بين جيش الإسلام وجيش الروم في معركة شديدة ومصيرية وهي
الملحمة التي ذكرها الرسول في حديثه , ويطلق الغرب عليها اسما من الإنجيل وهو "هرمجدون"
. وسننتصر في تلك المعركة وتبدأ الجيوش بالزحف لتدخل (ومعها الإسلام) لقلب أوربا ,
فلا يحتمل الدجال هذا النصر لدين الحق , ويغضب غضبة شديدة يخرج بعدها علي العالم
لتبدأ فتنته التي تحدثنا عنها من قبل .
الحقيقة هي أن الدجال
هو أكبر فتنة سيمر بها العالم . فلقد كان قبله وعبر العصور دجاجلة صغار ادعوا
النبوة والألوهية كمسيلمة الكذاب وغيره , ولكن فتنة المسيح الدجال شاملة لأغلب أراض
هذا الكوكب الذي نعيش عليه . فلقد أعطاه الله قدرة علي التنقل من مكان لآخر بسرعة
فائقة ليمتحن به الله صدق إيماننا .. ولقد اقترب زمن خروجه فما أحوجنا الآن أن نفهم
مقدار خطورته وصعوبة الخلاص من فتنته .
ومع كل هذا , فإنه
سيقتل نفسا واحدة فقط طوال فترة فتنته . وتفصيل هذا هو أن أحد الشباب المسلمين وقت
خروج الدجال سيكون قد قرأ وتعلم من الأحاديث النبوية من هو الدجال وأن من يقذفه
الدجال في ناره التي تسير معه , إنما هو في جنة الخلد عند الله , والعكس بالعكس .
فعندما يقترب الدجال من بلدة الشاب سيخرج له ويواجهه ويحاول إخبار الناس أن هذا
الذي يدعي الربانية إنما هو كاذب .. فيغضب عليه ويشق جسده نصفين بالمنشار ثم يمر
بين النصفين ويحاول إبهار الجموع وإقناعهم بأنه قد قتله وأنه سيعيد إليه الحياة ,
فيأمر النصفين بالالتقاء فيقوم الشاب حيا سليما !! , ومع ذلك يصرخ في وجه الدجال
ويقول له أنه تأكد الآن من شخصيته أكثر من قبل , وأنه مازال عابدا لله رب العالمين
.. فيقتله الدجال ويرميه في ناره فيدخل الشاب الجنة , رضي الله عنه وجعلنا إياه أو
في منزلته.
تعليقات
إرسال تعليق