خطأ شائع في فهم آية: كيف بدأ الخلق
خطأ شائع في فهم آية "كيف بدأ الخلق". ليست عن بداية خلق الكون ولا أمرا للمسلمين بالبحث "الكوزمولوجي"، بل عن الاستدلال على بعث الموتى يوم القيامة
#انحراف_الإعجازيين
سورة العنكبوت: أولم يروا كيف يبدئ الله الخلق ثم يعيده إن ذلك على الله يسير (19) قل سيروا في الأرض فانظروا كيف بدأ الخلق ثم الله ينشئ النشأة الآخرة إن الله على كل شيء قدير (20)
=====
[اختصار لمناظرة طويلة جرت على ملتقى أهل التفسير]
قال كزابر:
#انحراف_الإعجازيين
سورة العنكبوت: أولم يروا كيف يبدئ الله الخلق ثم يعيده إن ذلك على الله يسير (19) قل سيروا في الأرض فانظروا كيف بدأ الخلق ثم الله ينشئ النشأة الآخرة إن الله على كل شيء قدير (20)
=====
[اختصار لمناظرة طويلة جرت على ملتقى أهل التفسير]
قال كزابر:
أحداث خلق السماوات والأرض لها سنن يمكن العلم بها، ولو لم يكن الأمر كذلك لما قال تعالى "قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ"
رد أبي الفداء ابن مسعود:
هذا إجمال لا أسلم لك به! فقوله تعالى "كيف بدأ الخلق" قد يُطلق ويراد به كيف خلق الله السماوات والأرض في الأيام الستة، وقد يطلق ويراد به ما هو مشاهد كل يوم من خلق جديد يخرج من بطون الأمهات ومن بطن الأرض في الثمر والنبات ونحو ذلك.
وهذا الأخير هو الأقرب إلى الذهن، والأنسب لأن يكون مخاطبا به جميع البشر عربهم وعجمهم، بصرف النظر عن مقدار علمهم الطبيعي والتجريبي، كما هي عادة القرءان!.. أما أن يقال إن المقصود هنا أن نمشي في الأرض لننظر (وتأمل: "في الأرض") كيف جرت أحداث خلق السماوات والأرض وما فيهما في أيام الخلق الستة فهذا تأويل شديد التكلف.
ولو أكملت قراءة الآية بتمامها لتبين لك أن مقصودها محاججة من يزعمون أن الله لا ينشئ النشأة الآخرة، ولا يبعث من يموت، بدعوتهم للنظر في النشأة الأولى.. أي أنه إذا كان الله تعالى يخرج الحي من بطن أمه، فهو كذلك قادر على أن يخرج الميت من بطن الأرض! هكذا تقوم الحجة على من يسمع ويعقل أيا ما كان مقدار علمه وعقله! فأي شيء أبعد عن طريقة السلف وفقههم مما سلكه بعض إخواننا من تحويل الآية إلى تكليف شرعي بالبحث في علم الكوزمولوجيا ودراسة نظرية الانفجار الكبير، ولا حول ولا قوة إلا بالله!
يا أخي الفاضل من سلفك من الأئمة في مشروعية الاستدلال بالحس والمشاهدة على أحداث خلق السماوات والأرض؟ لن تجد في قرون المسلمين من استعان بغير النص الثابت الصحيح في تحصيل المعرفة بتلك الأحداث! عليك الإتيان بأثر عن واحد من الصحابة أو السلف تكلم عن شيء من أحداث خلق السماوات والأرض تأسيسا على مصدر آخر بخلاف النص، فضلا عن أن يكون أحدهم قد فهم آية "فانظروا كيف بدأ الخلق" على أن المقصود بها الحث على استعمال المشاهدات في تحصيل المعرفة التجريبية بتلك الأحداث!
هذه المسألة كانت ولم تزل قضية غيب مطلق لا يوصل إلى معرفته إلا بخبر الوحي.
قال يوسف العليوي، مؤيدا لأبي الفداء:
أما قول الله: (يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ)
المقصود بـ إعادة الخلق ليس السماوات والأرض، وإنما هو البعث بعد الموت، كما جاء في آيات أخر: (كما بدأكم تعودون) (ولقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم أول مرة) (فسيقولون من يعيدنا قل الذي فطركم أول مرة) (وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه) (وضرب لنا مثلا ونسي خلقه قال من يحيي العظام وهي رميم قل يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم).
وهذا هو تفسير الرسول في الحديث الذي أخرجه البخاري ومسلم عن ابن عباس عن النبي قال: "إِنَّكُمْ مَحْشُورُونَ حُفَاةً عُرَاةً غُرْلًا، ثُمَّ قَرَأَ: (كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ)"
قال كزابر، ردا على أبي الفداء:
في كلامك هنا دلالات استنكارية: (ولا حول ولا قوة إلا بالله! ) ، وتبريرية بما لا يوجبه تبرير: (فأي شيء أبعد عن طريقة السلف وفقههم) ، وإقصائية: (تكليف شرعي بالبحث في علم الكوزمولوجيا) ، وتخصيص العام بلا مخصص (ما هو مشاهد كل يوم من خلق جديد يخرج من بطون الأمهات ومن بطن الأرض في الثمر والنبات ونحو ذلك)
الآية صريحة ومستساغة بشدة في حثها على الجمع بين السير والنظر البحثي (كيف) .. وهذا لا يكون إلا بالتنقيب في الأرض على علامات بدأ الخلق، وقد جاء عن قتادة أن (الخلق) في هذه الآية هو [خلق السموات والأرض].
وأراها مستساغة أكثر ما تكون في النظر الكيفي في بيئات الأرض وطبقاتها وأغوارها، وطبائع المخلوقات وهيئاتها، ... ويوازيها - لأن الآية كانت مثال واحد من مثلها - " قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ "، و " أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ (17) وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ (18) وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ (19) وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ (20) ".. وهل هذا إلا بحث شرعي في البيولوجي والكوزمولوجي والجيولوجي والطبوجرافي على التوالي... أم أن هذه المباحث أصبحت كافرة لأن روادها كذلك؟؟؟.. فأصبحت عند الموحدين طاهري الدين مما يُستنكر البحث فيه؟!
قال أبو الفداء:
قلتها من قبل وأقولها من جديد (وأعلم أنني لست أول من نصحك بها): أنت مغرق في التكلف وتحميل النصوص ما لا تحتمل!
فلفظة "كيف" هنا لا يمكن أن تكون بمعنى بيان الأسباب التفصيلية التي بها خلق الله تلك الأشياء، وإلا فكيف تفهم دعاء إبراهيم: (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِـي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن قَالَ بَلَى وَلَـكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِّنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِّنْهُنَّ جُزْءاً ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْياً وَاعْلَمْ أَنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) [البقرة : 260]؟
هل طلب منه إبراهيم أن يؤتيه العلم بالأسباب القانونية لإحياء الموتى حتى يكون قادرا على إحيائهم متى يشاء بإعمال تلك الأسباب؟ أم طلب منه أن يشهد بعينيه شيئا ميتا يحييه الله تعالى ويقيمه من موته؟
وكيف تفهم لفظة "كيف" في قوله تعالى: (أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ وَلَوْ شَاء لَجَعَلَهُ سَاكِناً ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلاً) [الفرقان : 45]؟
هل المقصود بها سؤال النبي عن مقدار علمه بفيزياء الضوء أو جيولوجيا الشمس وكيفية خروج الضياء من جرمها مثلا؟
يا أخي افهم القرءان على لسان أول المخاطبين به، وعلى المتبادر إلى أذهانهم، تسلم - إن شاء الله - من تحميل كلام الله ما لا يحتمل (لغة)!.. وقد سبق وبينت لك أن في آية الأعراف (قل سيروا في الأرض .. الآية) حجة (فيما يتعلق بالبعث الأخروي) لا يمكن أن تقوم على سائر المخاطبين بالقرءان في كل زمان ومكان لو كان المراد تكليف الناس بالبحث الطبيعي حتى يتوصلوا إلى معرفة الطريقة التفصيلية التي خلق الله بها السماوات والأرض!
ثم أسألك بالله ما المصلحة أو الثمرة الشرعية التي تفوت على المسلمين إن لم يبحثوا في الكيفية التفصيلية التي خلق الله بها السماوات والأرض وركب أجزاءها في بعضها البعض (أي فيما عدا ما جاءهم به النص)؟
أنا أجد في القدر الذي ذكره في نصوص الوحي كفاية، وإلا فلو كان ينقصنا في تلك البابة الغيبية (وأكرر الغيبية، أي التي لا يصح أن يوصل إلى معرفتها بقياس الغائب منها على المشاهد من أمر الكون حاليا) شيء من التفصيل - كمسلمين عقلاء - لما سكت عنه النص!
وأنت ترى أن قرون المسلمين لم يشرع منهم أحد في اتخاذ هذا النص ونحوه بمنزلة التكليف المباشر للبحث في كيفية خلق السماوات والأرض بالتفصيل الطبيعي والتنظير التجريبي، إلا في القرنين الأخيرين.. فهل هلكت سائر القرون السابقة على ضلالة في تكليف رباني فاتهم بالكلية ولم يعقلوه من نصوص الوحي؟ هذا لعمر الله تنقص من الغاية التي من أجلها نزل الوحي أصلا، ألا وهي هداية الأولين والآخرين أجمعين!
رد أبي الفداء ابن مسعود:
هذا إجمال لا أسلم لك به! فقوله تعالى "كيف بدأ الخلق" قد يُطلق ويراد به كيف خلق الله السماوات والأرض في الأيام الستة، وقد يطلق ويراد به ما هو مشاهد كل يوم من خلق جديد يخرج من بطون الأمهات ومن بطن الأرض في الثمر والنبات ونحو ذلك.
وهذا الأخير هو الأقرب إلى الذهن، والأنسب لأن يكون مخاطبا به جميع البشر عربهم وعجمهم، بصرف النظر عن مقدار علمهم الطبيعي والتجريبي، كما هي عادة القرءان!.. أما أن يقال إن المقصود هنا أن نمشي في الأرض لننظر (وتأمل: "في الأرض") كيف جرت أحداث خلق السماوات والأرض وما فيهما في أيام الخلق الستة فهذا تأويل شديد التكلف.
ولو أكملت قراءة الآية بتمامها لتبين لك أن مقصودها محاججة من يزعمون أن الله لا ينشئ النشأة الآخرة، ولا يبعث من يموت، بدعوتهم للنظر في النشأة الأولى.. أي أنه إذا كان الله تعالى يخرج الحي من بطن أمه، فهو كذلك قادر على أن يخرج الميت من بطن الأرض! هكذا تقوم الحجة على من يسمع ويعقل أيا ما كان مقدار علمه وعقله! فأي شيء أبعد عن طريقة السلف وفقههم مما سلكه بعض إخواننا من تحويل الآية إلى تكليف شرعي بالبحث في علم الكوزمولوجيا ودراسة نظرية الانفجار الكبير، ولا حول ولا قوة إلا بالله!
يا أخي الفاضل من سلفك من الأئمة في مشروعية الاستدلال بالحس والمشاهدة على أحداث خلق السماوات والأرض؟ لن تجد في قرون المسلمين من استعان بغير النص الثابت الصحيح في تحصيل المعرفة بتلك الأحداث! عليك الإتيان بأثر عن واحد من الصحابة أو السلف تكلم عن شيء من أحداث خلق السماوات والأرض تأسيسا على مصدر آخر بخلاف النص، فضلا عن أن يكون أحدهم قد فهم آية "فانظروا كيف بدأ الخلق" على أن المقصود بها الحث على استعمال المشاهدات في تحصيل المعرفة التجريبية بتلك الأحداث!
هذه المسألة كانت ولم تزل قضية غيب مطلق لا يوصل إلى معرفته إلا بخبر الوحي.
قال يوسف العليوي، مؤيدا لأبي الفداء:
أما قول الله: (يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ)
المقصود بـ إعادة الخلق ليس السماوات والأرض، وإنما هو البعث بعد الموت، كما جاء في آيات أخر: (كما بدأكم تعودون) (ولقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم أول مرة) (فسيقولون من يعيدنا قل الذي فطركم أول مرة) (وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه) (وضرب لنا مثلا ونسي خلقه قال من يحيي العظام وهي رميم قل يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم).
وهذا هو تفسير الرسول في الحديث الذي أخرجه البخاري ومسلم عن ابن عباس عن النبي قال: "إِنَّكُمْ مَحْشُورُونَ حُفَاةً عُرَاةً غُرْلًا، ثُمَّ قَرَأَ: (كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ)"
قال كزابر، ردا على أبي الفداء:
في كلامك هنا دلالات استنكارية: (ولا حول ولا قوة إلا بالله! ) ، وتبريرية بما لا يوجبه تبرير: (فأي شيء أبعد عن طريقة السلف وفقههم) ، وإقصائية: (تكليف شرعي بالبحث في علم الكوزمولوجيا) ، وتخصيص العام بلا مخصص (ما هو مشاهد كل يوم من خلق جديد يخرج من بطون الأمهات ومن بطن الأرض في الثمر والنبات ونحو ذلك)
الآية صريحة ومستساغة بشدة في حثها على الجمع بين السير والنظر البحثي (كيف) .. وهذا لا يكون إلا بالتنقيب في الأرض على علامات بدأ الخلق، وقد جاء عن قتادة أن (الخلق) في هذه الآية هو [خلق السموات والأرض].
وأراها مستساغة أكثر ما تكون في النظر الكيفي في بيئات الأرض وطبقاتها وأغوارها، وطبائع المخلوقات وهيئاتها، ... ويوازيها - لأن الآية كانت مثال واحد من مثلها - " قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ "، و " أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ (17) وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ (18) وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ (19) وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ (20) ".. وهل هذا إلا بحث شرعي في البيولوجي والكوزمولوجي والجيولوجي والطبوجرافي على التوالي... أم أن هذه المباحث أصبحت كافرة لأن روادها كذلك؟؟؟.. فأصبحت عند الموحدين طاهري الدين مما يُستنكر البحث فيه؟!
قال أبو الفداء:
قلتها من قبل وأقولها من جديد (وأعلم أنني لست أول من نصحك بها): أنت مغرق في التكلف وتحميل النصوص ما لا تحتمل!
فلفظة "كيف" هنا لا يمكن أن تكون بمعنى بيان الأسباب التفصيلية التي بها خلق الله تلك الأشياء، وإلا فكيف تفهم دعاء إبراهيم: (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِـي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن قَالَ بَلَى وَلَـكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِّنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِّنْهُنَّ جُزْءاً ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْياً وَاعْلَمْ أَنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) [البقرة : 260]؟
هل طلب منه إبراهيم أن يؤتيه العلم بالأسباب القانونية لإحياء الموتى حتى يكون قادرا على إحيائهم متى يشاء بإعمال تلك الأسباب؟ أم طلب منه أن يشهد بعينيه شيئا ميتا يحييه الله تعالى ويقيمه من موته؟
وكيف تفهم لفظة "كيف" في قوله تعالى: (أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ وَلَوْ شَاء لَجَعَلَهُ سَاكِناً ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلاً) [الفرقان : 45]؟
هل المقصود بها سؤال النبي عن مقدار علمه بفيزياء الضوء أو جيولوجيا الشمس وكيفية خروج الضياء من جرمها مثلا؟
يا أخي افهم القرءان على لسان أول المخاطبين به، وعلى المتبادر إلى أذهانهم، تسلم - إن شاء الله - من تحميل كلام الله ما لا يحتمل (لغة)!.. وقد سبق وبينت لك أن في آية الأعراف (قل سيروا في الأرض .. الآية) حجة (فيما يتعلق بالبعث الأخروي) لا يمكن أن تقوم على سائر المخاطبين بالقرءان في كل زمان ومكان لو كان المراد تكليف الناس بالبحث الطبيعي حتى يتوصلوا إلى معرفة الطريقة التفصيلية التي خلق الله بها السماوات والأرض!
ثم أسألك بالله ما المصلحة أو الثمرة الشرعية التي تفوت على المسلمين إن لم يبحثوا في الكيفية التفصيلية التي خلق الله بها السماوات والأرض وركب أجزاءها في بعضها البعض (أي فيما عدا ما جاءهم به النص)؟
أنا أجد في القدر الذي ذكره في نصوص الوحي كفاية، وإلا فلو كان ينقصنا في تلك البابة الغيبية (وأكرر الغيبية، أي التي لا يصح أن يوصل إلى معرفتها بقياس الغائب منها على المشاهد من أمر الكون حاليا) شيء من التفصيل - كمسلمين عقلاء - لما سكت عنه النص!
وأنت ترى أن قرون المسلمين لم يشرع منهم أحد في اتخاذ هذا النص ونحوه بمنزلة التكليف المباشر للبحث في كيفية خلق السماوات والأرض بالتفصيل الطبيعي والتنظير التجريبي، إلا في القرنين الأخيرين.. فهل هلكت سائر القرون السابقة على ضلالة في تكليف رباني فاتهم بالكلية ولم يعقلوه من نصوص الوحي؟ هذا لعمر الله تنقص من الغاية التي من أجلها نزل الوحي أصلا، ألا وهي هداية الأولين والآخرين أجمعين!
تعليقات
إرسال تعليق