نحو نظام عالمي جديد.. 3
بدأت هذه السلسلة من التدوينات بعفوية وتلقائية، وأحب أن تبقى هكذا لأطول فترة ممكنة. فلا شيء أسهل من أن أسرد لك عشرات الروابط التوثيقية والمقالات المسهبة التي شرحت تفاصيل ’المؤامرة الكبرى على البشرية‘ بالصور والفيديوهات والأرقام والاقتباسات والتحليلات والشهادات الواقعية ممن عاينوا بأنفسهم أساليب الخداع والظلم العالمي وعانوا منها جسديا وعقليا. لكن خطورة هذه الطريقة هي أنها قد تدخلك في محيط عاصف من الرؤى والآراء والاستنتاجات التي قد تؤدي لعكس المراد.
فالباحث عن الحقيقة يمكن أن يصيبه الإحباط واليأس إذا سارع في إلتهام هذا الكم العظيم من المعلومات والحقائق المتوفر على شبكة الإنترنت دون أن يقوم بمعالجته و’فلترته‘ والتفرقة بين الغث والسمين، والنافع والضار.
لأن الـ Elite سارعوا بخلق حركة مضادة داخل أوساط الباحثين الفعليين عن الحقيقة Truth Seekers ولا يزالون حتى الآن يسيطرون على آلاف المواقع ومصادر المعلومات التي تُخرج للناس مقادير مهولة من أنصاف الحقائق True Lies والمعلومات المزيفة المقصود نشرها، وغير ذلك من أساليب المخابرات - أو بمصطلح أدق: المخابرات المضادة Counter Intelligence - التي لا تتوقف عن اصطناع شخصيات إعلامية مزيفة تقوم بتلميعها ونشر اسمها بين الناس على أنها شخصيات مجاهدة ومناضلة ضد النظام العالمي الجديد، في حين أنها Controlled Opposition أي (معارضة متحكم فيها)!
وسأعطيك معيارا بسيطا يمكن أن تتعرف به على الباحثين عن الحقيقة ’الحقيقيين‘ دون أن تنخدع في الشخصيات الأخرى المزيفة التي هي في واقع الأمر واجهة للـ Elite أنفسهم. وهذا المعيار أو المقياس يتلخص في كلمة واحدة تقريبا.. المال!
فعندما ترى شخصا مثل Alex Jones الذي تتم الدعاية له على أنه (فاضح المؤامرة) و (المناضل الساعي للكشف عن الحقيقة) إلخ، ومع هذا يملك امبراطورية إعلامية تدر عليه الملايين من الدولارات، ويتسارع الناس لإعطائه التبرعات والاشتراكات الشهرية في قناته التليفزيونية التي يبثها على الإنترنت، فاعرف أنه واحد من هؤلاء الذين تتحكم فيهم (النخبة Elite)، عن علم منه أو دون علم.
وعلى الضفة المقابلة تجد شخصا مثل Alan Watt الاسكتلندي الأصل، المقيم في كندا، وهو يحمل عقلا درس وهضم الكثير من الكتب ’الجافة‘ المملة التي أوصلته لفهم عميق للمدى الذي وصلت إليه خطة الـ Elite في سعيها لإخضاع سكان العالم وموارده لسلطانها. ومع هذا تجده يكافح لبيع أي عدد من النسخ من كتبه التي ألفها، ويرفض التكسب من وراء إعلانات تجارية توضع على مدونته الصوتية Podcast التي تذيعها إحدى محطات الراديو فقيرة الموارد!.. فمثل هذا البرنامج الذي يواظب (ألان وات) على تقديمه من منزله بصورة شبه يومية (تحت اسم Cutting Through The Matrix) هو نوع من التفاني كنت أحب أن أجده يصدر من أحد المسلمين المفكرين الواعين للطريقة التي يدار بها العالم فعليا الآن.
لكن على أية حال، فهناك بالفعل محاولات بدأت تخرج للنور (بعد اندلاع الثورات في البلاد العربية) تنحو منحى مشابه ومتميز، مثل الدكتور بهاء الأمير ولقاءاته المتعددة على القنوات الفضائية، وكتبه التي وضع بعضها مجانا على الإنترنت، واللقاءات التي صورها بعض الشباب معه في منزله ووضعوها على الـ YouTube، إلى آخر هذه الجهود والمحاولات التي يجب أن تزداد في الكم والكيف خلال الفترة القادمة.
(راجع كتابه: اليهود والماسون في الثورات والدساتير، وأيضا: الوحي ونقيضه)
ولا أنسى أن أذكر أيضا جهود الدكتور محمد جلاء إدريس في نفس المجال.. وهو متخصص في الدراسات العبرية والإسرائيلية.
وبمناسبة الحديث عن موسم الثورات العربي وأثرها على ازدهار الحركة الفكرية المناهضة للنظام العالمي الجديد، فعلينا أن نذكر مسألة قد تدخل تحت باب (علم نفس الشعوب). فـ الجموع أو العوام أو عموم الناس - اختر اللفظ الذي تراه مناسبا لك - يتحركون عندما يشعرون بالخطر الفعلي يحدق بهم.. أما القدرة على استباق الأحداث والتنبؤ بالكوارث القادمة والمشاكل المستقبلية فهي خاصية غير منتشرة على نطاق واسع بيننا، ويمكن وصفها بـ (استشراف الحدث) أو (الاستباقية) ومن ثم القيام بـ (فعل وقائي) يقلل من أثر الكوارث المتوقع حدوثها إن لم يستطع تفادي حدوثها من البداية.
ويعلم المتابع للمجتع الأمريكي - على سبيل المثال - الفرق الكبير في قدرة الناس العاديين على فهم حقيقة واقعهم قبل وبعد أحداث 11 سبتمبر 2001. فقبلها كان الرأي العام يتعرض للباحثين عن حقيقة الـ New World Order بنوع من الاستهزاء والسخرية، كما تمت برمجتهم على يد إعلامهم (الذي هو صهيوني\متآمر في غالبه) وعلى يد قادتهم السياسيين (الذين هم أشبه بعرائس الماريونيت التي تحركها دائما أيادٍ خفية من وراء الستار، فتكتب لها خطاباتها، وترسم لها سياساتها، وتحرك قراراتها إلى الوجهة التي تريدها منها!).
لكن بعد 11 سبتمبر بأيام، وبعد أن تم تفجير الأبراج الثلاثة ( WTC1, WTC2, WTC7 ) وإطلاق قذيفة صغيرة على مبنى البنتاجون\وزارة الدفاع (راجع موضوعي المسمى: لم لا يحترمون عقولنا؟!، والذي ذكرت فيه رواية مخالفة للرواية الرسمية الأمريكية عن حادث مركز التجارة العالمي http://aboutsalama.blogspot.com/2012/03/blog-post_954.html )
أقول، بعد 11 سبتمبر بأيام، وبعد استقرار الغبار وهدوء حالة الهلع الشعبي نسبيا، بدأت الكثير من الأمريكان ينتبهون لعوار ولا معقولية النظرية الرسمية الحكومية (المعدة مسبقا بحنكة وبراعة!) التي حاولت الربط بطريقة فجة بين بعض ساكني كهوف بلاد الأفغان وهذه العملية الدقيقة (التي تفوح برائحة مخابراتية لا ينكرها إلا غافل). ثم توالت الأخبار والمعلومات عن تورط الـ CIA والموساد Mossad في التخطيط للعملية أو على الأقل التغافل المتعمد!
وكان ممن بدأوا يدرسون تزييف الحكومة الأمريكية للحادث وفبركته (حتى توجد أمريكا مبررا لتطبيق قانون الطوارئ في أمريكا والتجسس على الشعب تحت راية مكافحة الإرهاب، واحتلال دول إسلامية تحت نفس المبرر، والتمهيد للدخول الفعلي والعلني والقسري تحت نظام عالمي جديد يقمع الحريات ويجمع المعلومات عن كل فرد بحجة الاشتباه في أفعاله أو تطرف أفكاره، إلخ قائمة الأهداف التي حققها الـ Elite من وراء افتعال حادث الأبراج)
أقول، كان ممن بدأوا دراسة الحادث والحديث عنه في الإذاعة شخصية مشهورة في وسط (كاشفي المؤامرات) ويسمى بيل كوبر Bill Cooper..
تم إرسال مارشال رسمي فيدرالي إلى بيت بيل كوبر Milton William Cooper بصحبة شرطة ولاية أريزونا وتم قتله (بشكل رسمي وقانوني!) بعد أيام من 11 سبتمبر، وتحديدا في الخامس من نوفمبر The 5th of November سنة 2001.
أما الباحث فريتز سبرينجماير Fritz Springmeier (والذي ساعد المئات من ضحايا عملية أخرى قد نتحدث عنها لاحقا وهي برنامج MK-Ultra الذي لم تنكر المخابرات الأمريكية أنها استخدمته لبحث قدرة العقل البشري على تحمل التعذيب الجسدي والنفسي ومدى مقاومته لـ غسيل المخ Mind Control قبل أن يستسلم وينكسر\يتفتت تحت الضغط إلى عدة شخصيات فصامية! Dissociative Identity Disorder) فتم تلفيق تهمة جنائية له في أول عام 2002 (أي بعد 11 سبتمبر بشهور قليلة) عندما بدأ ينشر آراءه عن افتعال الحادث وأثره على المجتمع الأمريكي.. ولم يخرج من السجن إلا في 2011. وقد عاود الكتابة في الموضوع وتقديم المحاضرات، ولملم شتات حياته بصورة مثيرة للإعجاب فعلا.
ولا أنسى ذكر سيدة تسمى سوزان لينداور Susan Lindauer والتي كانت تعمل مع المخابرات الأمريكية كمبعوث غير رسمي إلى العراق وليبيا. لكن لمعارضتها للحرب على العراق وفضحها لبعض خفايا الملفات السوداء للسياسة الأمريكية (كسعي الأمريكان لإيجاد أي مبرر لتنفيذ خطتهم المعدة مسبقا لغزو العراق) فقد تم تطبيق قانون الطوارئ الأمريكي الجديد المسمى PATRIOT Act واعتقالها دون توجيه تهم أو تقديمها للمحاكمة!.. ثم طلبت الحكومة سجنها دون الإفصاح عن التهمة بحجة أن ذلك خطر على الأمن القومي!!.. وبعدها تمت إحالتها لحجز صحي نفسي بغرض ’تقويمها‘ عقليا (داخل قاعدة عسكرية أمريكية) ومحاولة إجبارها على تعاطي حبوب وعقاقير ’للعلاج النفسي‘. لكن أحد أقربائها المحامين دافع عنها بشراسة وهدد بالتوجه للإعلام لفضح الممارسات الشائنة التي تقوم بها الحكومة ضد أحد مواطنيها بغرض إسكاتها ومنعها من ’عمل شوشرة‘ على آلة الحرب الإعلامية التي توجه الجمهور الأمريكي لقبول غزو العراق. وتم إطلاق سراحها بعد سنوات فنشرت كتابا عن المؤامرة Extreme Prejudice ودورها كمبعوثة للعراق قبل الحرب، وكشفت أدلة تؤيد النظرية القائلة بأن الطائرات التي ارتطمت بالبرجين كانت موجهة ذاتيا عن طريق برنامج حماية تضعه شركة (بوينج) في طائراتها لتفعيله في حالة فقدان الطيار للقدرة على إكمال الرحلة، مما يمنع أي فرد موجود على متن الطائرة من التحكم فيها أو تغيير مسارها المحدد على كمبيوتر الطائرة!.. وأن ’الإرهابيين‘ المزعومين على الطائرة لم يكونوا على دراية بأن الخطة تقتضي التضحية بهم وقتلهم مع الركاب باصطدام الطائرتين بالبرجين، ثم تفجير البرجين بمادة النانو ثرمايت العسكرية شديدة القوة والتي بمقدورها إذابة حديد الأبراج الصلب، على عكس وقود الطائرات الذي ثبت علميا استحالة وصوله لدرجة حرارة تذيب الحديد الصلب المكونة منه الأبراج.. أي أن العملية المحبوكة بدقة استخدمت أسلوب الـ Controlled Demolition (تفجير ناطحات السحاب بصورة محكومة ومدروسة).
وما دام سياق الحديث قد أخذنا لمسألة 11 سبتمبر، فمن الأفضل أن أحيلك على نتائج أبحاث الدكتور ستيفن إي جونز Steven E. Jones عن بقايا مادة النانو ثرمايت المفجرة لمركز التجارة العالمي (http://www.youtube.com/watch?v=33g1wt237wE فيديو مقابلة معه) وما ترتب على ذلك من محاولة تشويه صورته في الإعلام، ومعاداة جامعته له وإحالته للمعاش!.. والرجل شارك باحثين آخرين في فحص عينات من الغبار المتراكم الناتج عن هدم البرجين ونشر عدة أوراق بحثية عن الموضوع.
كانت هذه بعض الأمثلة لعملية تحول وعي الشعب الأمريكي بعد أن أخرجته المأساة - بعض الشيء - من سباته الذي وضعه فيه الـ Elite بإنتاجهم لسيل ثقافي مستمر من مشتتات الذهن ومثبطات التفكير كالأغاني والفيديو كليبات المهيجة للغرائز، والقصص التافهة وأخبار الممثلين وانحلالهم، والتوسع غير الطبيعي في المواقع الإباحية والشاذة والمريضة، وغير ذلك مما يحيط الوعي بقوقعة مصطنعة تحجب أشعة الحقيقة وتمنعها من النفاذ للعقول. فكل يوم يأتي بجديد من الـ Distractions التي تشتت الانتباه عن أحداث اليوم السابق، بحيث يفقد الفرد العادي القدرة على التحليل الهادئ العميق لما يجري حوله من جنون ولا معقولية وعبثية تفوق الوصف!
وفي رأي الشخصي، علينا اقتناص هذه اللحظات التاريخية التي تصدمنا ونحولها لقوة دافعة تدفعنا نحو مراجعة روتين حياتنا وكيف وصلنا لحال مزر من اللامبالاة والانكفاء على النفس، تاركين خيوط اللعبة الكبرى تخنقنا، وغافلين عمن يقتنص غفلتنا ليزيد بها من قوته وسيطرته علينا وعلى الأجيال القادمة التي ستولد في جو مشبع بالسلبية والانتهازية الرخيصة العمياء.. فيولدون رقيقا مستعبدا لا يرى غير مطالب ورغبات سادته!
إن الـ Elite ليسوا آلهة ولا سوبرمان. بل من يدرس تاريخ محاولاتهم لاستعباد الأجساد والعقول يعرف أن خططهم قد تفسد أحيانا. فخطتهم في بداية القرن العشرين كانت تتوقع أن العالم سيئن تحت نير الحرب التي أشعلوها بحيث يطلب منهم الخلاص تحت أي شروط. لكن جاءت الحرب العالمية الأولى وخسرنا فيها الكثير (ضاعت الخلافة العثمانية مثلا، واستقر الاحتلال البريطاني في دولنا، وجاء وعد بلفور وتقسيم بلاد المسلمين، وتفككت الملكية في أوروبا ومات الملايين من البشر عبثا وهدرا، وتكونت الدولة الشيوعية المستبدة إلخ) لكن العالم استمر يترنح ولم يسقط تمام السقوط. ثم جاءت الجولة الثانية للحرب WW II ومات الملايين مرة أخرى وتضخمت بنوك اليهود وصناع السلاح، وتم تكوين الدولة المسخ Israel وتثبيت قوتين عالميتين يتنازعان استقطاب الدول الأخرى في حين أن محرك خيوطهما في الخفاء واحد!.. واحترقت الوجوه وتشوهت الأجنة مع القنبلتين الذريتين، وتم تدمير البنية التحتية للكثير من البلدان العربية التي جعلتها أوروبا ساحة للحرب بين الحلفاء والمحور النازي، في حرب لم يكن لنا فيها ناقة ولاجمل، إلخ.
لكن بطريقة ما، وبحمد الله، لم ينجح (الإليت Elite) في التنفيذ التام لمخططهم، وبقيت لنا ذرات من الأمل في أننا لن نباد نهائيا مع على وجه البسيطة كما أرادوا لنا، وكما تخطط الأمم المتحدة نفسها منذ سنوات! (راجع ما يسمى Agenda 21 وخطة منظمة نادي روما Club of Rome لتقليل عدد السكان بحجة الحفاظ على الموارد وحماية البيئة!)
فها نحن اليوم مستضعفون لكننا على الأقل لم ننمح تماما من مسار التاريخ. لأن الله أعطى رسوله (صلى الله عليه وسلم) وعدا بأننا لن نُهلك بـ ’سَنة عامة‘.. أي كارثة تأتي فتمحونا تماما، مثلما تروج هوليود بأفلام الكوارث ونهاية العالم وتقويم المايا وكارثة 2012 إلى آخر هذا الكلام.
لكن دمارنا وهلاكنا يكون نابعا من بيننا. باختلافنا، ومخالفتنا للقواعد الفطرية والأسس الإسلامية التي حفظت أجدادنا حتى مع ما مر عليهم من كوارث كغزو التتار وأهواله. فسر قوتنا واستمرارنا هو أننا نعلم أن المعادلة ليست مادية بحتة كما يظن الـ Elite.. فمجرد قوتهم العسكرية وعتادهم وقنابلهم ومكرهم بنا ليلا ونهارا وتخطيطهم الدءوب لإهلاكنا لا يعني بالضرورة أنهم سينتصرون!
يتبع..
تعليقات
إرسال تعليق