النعرات القومية
النعرات القومية تظهر من وقت لآخر بين شعوب البلاد العربية.
وانتشرت مؤخرا على الفيسبوك مقولة أن مصر لم يحكمها حاكم مصري خلال فترة تزيد عن ألفين سنة، ما بين نهاية عهد الأسرات إلى بداية عهد الضباط.
وهذا صحيح تاريخيا، لكنه بلا أهمية.
ففكرة القومية والوطنية مستحدثة، ولا يصح تطبيقها على الفترات القديمة بأثر رجعي، لأن الشعوب وقتها لم تكن تفكر بهذه الطريقة أصلا.
ما كان يجمع الناس ويفرقهم عن غيرهم كان هو الدين والثقافة المشتركة والحياة في أرض مشتركة، أما الحساسية من جنسية الطبقة الحاكمة فكان تابعا لهذه العوامل ولم يعتبر عاملا مهما بمفرده.
فصلاح الدين مثلا لم يكن محتلا أجنبيا بل محررا للسنة من يد الشيعة الباطنية.. وسيطرة مصر على السودان كانت طبيعية وليست احتلالا.. ووصول شامي كيوسف عليه السلام لمناصب عليا في مصر كان شيئا طبيعيا وقتها، وهكذا.
فالحزازات العنصرية كانت قليلة الأهمية بالمقارنة بعوامل أخرى كانت تهم المواطن. جنسية الحاكم غير مهمة، وقيل: اسمعوا وأطيعوا ولو ولي عليكم عبد أسود رأسه كالزبيبة، وقيل عن التنادي بالعنصرية القديمة بين الأوس والخزرج: دعوها فإنها منتنة.
ولهذا تجد أن العنصريين في أوروبا اليوم يركزون على أن كرههم للجاليات الإسلامية سببه ليس مجرد كره جنس لجنس بل خوفا من أن وجود عدد كبير من ثقافات أجنبية عن أوروبا، أي طريقة حياة عربية وأفكار إسلامية، سيؤدي لا محالة في المستقبل لتغيير هوية أوروبا الثقافية. وهو خطر يريد هؤلاء القضاء عليه مبكرا.
فالعوامل الحاسمة، باختصار، هي الدين والثقافة الحضارية.. فلو كان الحاكم من أصول أجنبية لكن يحترم دين وثقافة الشعب فلا إشكال إطلاقا
تعليقات
إرسال تعليق