ضعف قصة فداء أسرى بدر وتعليم الكتابة لصبيان الأنصار
هناك حادثة مزعومة ، غالبا ما يستشهد بها الكتاب والدعاة والخطباء والوعاظ، في كل مناسبة يُستَجرُّون فيها للحديث عما يسمى اليوم بـ ( مكافحة الأمية ) ، استدلالاً منهم على مدى حرص الإسلام على الخلاص من هذا (الوباء) ، ونشر تعليم الكتابة بين أبنائه ، ألا وهي قصة أسرى بدر من المشركين ، إذ يزعمون أن النبي - صلى الله عليه وسلم - جعل فداء بعض أسارى المشركين يوم بدر ، أن يعلموا أولاد المسلمين الكتابة.
ففي مسند الإمام أحمد : عن علي بن عاصم قال : قال داود بن أبي هند : حدثنا عكرمة ، عن ابن عباس قال : كان ناس من الأسرى يوم بدر لم يكن لهم فداء ، فجعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فداءهم ، أن يعلموا أولاد الأنصار الكتابة ، قال : فجاء يوما غلام يبكي إلى أبيه ، فقال : ما شأنك ؟ قال : ضربني معلمي ، قال : الخبيث يطلب بذحل بدر (أي ينتقم طلبا للثأر) ، والله لا تأتيه أبداً.
وهذه الرواية ليست ثابتة من وجهين :
الأول : من حيث سندها ، ففيه ، علي بن عاصم بن صهيب الواسطي شيخ الإمام أحمد وداود بن أبي هند .
أما علي بن عاصم ، فقد قال فيه أبو حاتم : ( لين الحديث ، يُكتَبُ حديثُه ولا يُحتَجُّ به ) .
كما ونقل عن يزيد بن زريع قوله : ( أفادني علي بن عاصم أحاديث عن خالد الحذَّاء ، فأتيت خالداً الحذاء فأنكرها ، وما عرف منها واحداً ، وأفادني عن هشام بن حسان ، فأتيت هشاماً ، فسألته عنه ، فأنكره وما عرف ) .
وقال يحيى بن معين فيه : ( علي بن عاصم ليس بثقة ) .
وقال الإمام أحمد : ( خذوا من حديثه ما صح ، ودعوا ما غلط أو أخطأ فيه ) .
وقال ابنه عبد الله : ( كان أبي يحتج بهذا ، وكان يقول : كان يغلط ويخطئ ، وكان فيه لجاج ، ولم يكن متهماً بالكذب ) .
وقال عنه الحافظ في التقريب : ( علي بن عاصم بن صهيب الواسطي صدوق ، يخطئ ، ويصر ، ورُمي بالتشيع ) .
كما وضعفه الألباني في ( السلسلة الضعيفة ) وقال فيه : (ضعيف الحديث)
أما ( داود بن أبي هند ) ، فقد قال عنه الحافظ في التقريب : ( داود بن أبي هند ثقة متقن ، كان يهم بآخره ) .
الثاني : أن الثابت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في طريقة معالجته لمسألة الأسرى ، أنه لم يكن يتجاوز مجموعة هذه المعالجات:
1 - القتل.
2 - المفاداة بمال.
3 - المفاداة بمن في أيدي المشركين من أسرى المسلمين.
4 - الاسترقاق.
5 - العفو.
ولم يرد في رواية صحيحة ثابتة ، أنه جعل تعليم أسرى المشركين لأبناء المسلمين الكتابة فداء لهم من أسرهم ، وهذه هي كتب السنة والسيرة والفقه ، تتحدث عن فداء الأسرى ، ولا تذكر شيئاً غير الذي قلناه . ومن ذلك كله ، يتبين سقوط الاحتجاج بهذه الرواية ، في إثبات هذه المسألة.
المصدر: مجلة البحوث الإسلامية - السعودية
ففي مسند الإمام أحمد : عن علي بن عاصم قال : قال داود بن أبي هند : حدثنا عكرمة ، عن ابن عباس قال : كان ناس من الأسرى يوم بدر لم يكن لهم فداء ، فجعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فداءهم ، أن يعلموا أولاد الأنصار الكتابة ، قال : فجاء يوما غلام يبكي إلى أبيه ، فقال : ما شأنك ؟ قال : ضربني معلمي ، قال : الخبيث يطلب بذحل بدر (أي ينتقم طلبا للثأر) ، والله لا تأتيه أبداً.
وهذه الرواية ليست ثابتة من وجهين :
الأول : من حيث سندها ، ففيه ، علي بن عاصم بن صهيب الواسطي شيخ الإمام أحمد وداود بن أبي هند .
أما علي بن عاصم ، فقد قال فيه أبو حاتم : ( لين الحديث ، يُكتَبُ حديثُه ولا يُحتَجُّ به ) .
كما ونقل عن يزيد بن زريع قوله : ( أفادني علي بن عاصم أحاديث عن خالد الحذَّاء ، فأتيت خالداً الحذاء فأنكرها ، وما عرف منها واحداً ، وأفادني عن هشام بن حسان ، فأتيت هشاماً ، فسألته عنه ، فأنكره وما عرف ) .
وقال يحيى بن معين فيه : ( علي بن عاصم ليس بثقة ) .
وقال الإمام أحمد : ( خذوا من حديثه ما صح ، ودعوا ما غلط أو أخطأ فيه ) .
وقال ابنه عبد الله : ( كان أبي يحتج بهذا ، وكان يقول : كان يغلط ويخطئ ، وكان فيه لجاج ، ولم يكن متهماً بالكذب ) .
وقال عنه الحافظ في التقريب : ( علي بن عاصم بن صهيب الواسطي صدوق ، يخطئ ، ويصر ، ورُمي بالتشيع ) .
كما وضعفه الألباني في ( السلسلة الضعيفة ) وقال فيه : (ضعيف الحديث)
أما ( داود بن أبي هند ) ، فقد قال عنه الحافظ في التقريب : ( داود بن أبي هند ثقة متقن ، كان يهم بآخره ) .
الثاني : أن الثابت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في طريقة معالجته لمسألة الأسرى ، أنه لم يكن يتجاوز مجموعة هذه المعالجات:
1 - القتل.
2 - المفاداة بمال.
3 - المفاداة بمن في أيدي المشركين من أسرى المسلمين.
4 - الاسترقاق.
5 - العفو.
ولم يرد في رواية صحيحة ثابتة ، أنه جعل تعليم أسرى المشركين لأبناء المسلمين الكتابة فداء لهم من أسرهم ، وهذه هي كتب السنة والسيرة والفقه ، تتحدث عن فداء الأسرى ، ولا تذكر شيئاً غير الذي قلناه . ومن ذلك كله ، يتبين سقوط الاحتجاج بهذه الرواية ، في إثبات هذه المسألة.
المصدر: مجلة البحوث الإسلامية - السعودية
بقلم : مصطفى بن عيد الصياصنة
أستاذي الفاضل: مع كامل احترامي لما ذكرت، لكن الحق - والله أعلم - في جانب من جعل هذا الحديث حسنًا، وعلي بن علصم توبع ولم يتفرد بالرواية، ولا دليل على أن داود قد روى الحديث في آخر عمره، وهذه نتيجة بحث أجريته حول فكاك أسرى بدر بتعليمهم صبيان المدينة:الحديث رواه أحمد. ط الرسالة (4/ 92 ح 2216)، والحاكم (المستدرك 2/ 152 ح 2621)، والبيهقي (الكبرى 6/ 206 ح 11680 و6/ 523 ح 12847). قال الهيثمي (مجمع الزوائد 4/ 96 ح 6451):"رواه أحمد، عن علي بن عاصم، وهو كثير الغلط والخطإ، وقد وثقه أحمد".ا.هـ. وقال الشيخ أحمد محمد شاكر (مسند أحمد. ت شاكر 3/ 20 ح 2216):"إسناده صحيح...والحديث في المنتقى 4387. [الذحل]، بفتح الذال وسكون الحاء المهملة: الثأر، أو العداوة".ا.هـ. وقال محققو المسند (4/ 92 ح 2216):"حسن: علي بن عاصم (وإن كان فيه ضعف) قد توبع، ومن فوقه ثقات من رجال الصحيح. داود: هو ابن أبي هند. وأخرجه البيهقي 6/ 322 من طريق علي بن عاصم وخالد بن عبد الله، كلاهما عن داود بن أبي هند، بهذا الإسناد. وروى ابن سعد في الطبقات 2/ 22 من طرق عن عامر الشعبي قال: كان فداء أسارى بدر أربعة آلاف إلى ما دون ذلك، فمن لم يكن عنده شيء أمر أن يعلم غلمان الأنصار الكتابة. وهذا مرسل".ا.هـ. وقال أبو عمر محمد بن حمد الصوياني (الصحيح من أحاديث السيرة النبوية 1/ 222 ح 8):"درجته: سنده صحيح، رواه: الحاكم...والبيهقيُّ...هذا السند صحيح لولا أخطاء علي بن عاصم فهو صدوق يخطئ [التقريب 2/ 39] وجل من لا يخطئ لكنه يصر، وهو هنا لم يخطئ؛ فقد تابعه الثقة خالد بن عبد الله الطحان، وهو ثقة ثبت من رجال الشيخين [التهذيب 3/ 100]، وداود: مصري ثقة متقن [التقريب 1/ 235]".ا.هـ. وقال إبراهيم بن محمد بن حسين العلي الشبلي الجنيني (صحيح السيرة النبوية للعلي 1/ 193 ح 294):"أخرجه أحمد في المسند...تحقيق أحمد شاكر وقال: إسناده صحيح. وقال البنا في الفتح الرباني: لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وفي إسناده علي بن عاصم فيه كلام لكن وثقه الإمام أحمد".ا.هـ.
ردحذف