الطريق إلى الانقلاب

الطريق إلى الانقلاب

كتب: حسام عبد العزيز

كان الهدف منذ البداية أن يصل الإخوان إلى السلطة كي يتم سحقهم بتأييد شعبي واستئصال شأفتهم. هكذا تقول أبسط قواعد الاستقراء لعامين ونصف من الأحداث السياسية التي أعقبت ثورة 25 يناير.

في الرابع والعشرين من يناير 2011، غادر رئيس الأركان السابق سامي عنان القاهرة على رأس وفد عسكري إلى واشنطن لمناقشة ملف المساعدات الأمريكية وملفات أخرى، بينما كانت قوى وحركات سياسية تتنادى إلى التظاهر بأمل تكرار التجربة التونسية وإزاحة مبارك.

وفي الثامن والعشرين من الشهر نفسه، صرح الجنرال جيمس كارترايت نائب رئيس هيئة الأركان المشتركة للجيش الأمريكي بأن عنان يعتزم العودة إلى مصر، في الوقت الذي أكد البيت الأبيض أن واشنطن قد تعيد النظر في المساعدات العسكرية إلى مصر والتي تبلغ قيتها 1.3 مليار دولار سنويا. بدا حينئذ أن ملف المساعدات هو ورقة الضغط على المؤسسة العسكرية لتحقيق المصالح الأمريكية.

لقد تلاعب العسكر بمصر في هذه الفترة فشكل لجنة للتعديلات الدستورية ودعا للاستفتاء عليها مع الإبقاء على مواد دستور 71 ثم أصدر إعلانا دستوريا دون استفتاء الشعب.

اندلعت أحداث محمد محمود في نوفمبر، واستغل عدد من النشطاء والساسة الحدث في إعلان تشكيل حكومة إنقاذ وطني من ميدان التحرير برئاسة البرادعي، وطالبوا المجلس العسكري تحت ضغط الشارع بإقالة الجنزوري، لكن طنطاوي تعلل وقتئذ للبرادعي بأن الإخوان وضعوا "فيتو" على مجيء البرادعي رئيسا للوزراء (راجع تصريحات البرادعي للحياة اللندنية بتاريخ 19 يونيو).

ووسط الدعوات العلمانية بتأجيل الانتخابات البرلمانية كانت استجابة قيادة الجيش واضحة لضغوط الإسلاميين بإجراء الانتخابات البرلمانية في موعدها والتعجيل بالانتخابات الرئاسية، فأحداث محمد محمود والاعتراضات على وثيقة السلمي أظهرت شعبية الإخوان وحلفائهم السلفيين في الشارع واستحالة الصدام معهم في هذا التوقيت، فاتُخذ القرار على ما يبدو بالسماح للإسلاميين بالوصول إلى البرلمان لقتلهم شعبيا بل وللرئاسة إذا استلزم الأمر للإجهاز على الإسلاميين لعقود.

أتت الانتخابات البرلمانية بالإسلاميين، وشرع المجلس العسكري في السيطرة على السلطتين التنفيذية والقضائية لتدمير شعبية الإسلاميين في الشارع وإثبات فشل تجربتهم البرلمانية.
كان مسموحا وربما مطلوبا أن يصل الإخوان إلى الحكم بما لديهم من مرونة سياسية وبراجماتية بنى عليها العسكر خطتهم. لكن حازم صلاح بنهجه الصدامي وخطواته المفاجئة وشعبيته التي اكتسبها من انتصاره في المناظرات الفضائية كان صداعا يهدد بإفشال هذه الخطة. لذا وجب إقصاء الرجل من السباق الرئاسي وقبل أن يبدأ بقضية جنسية والدة الشيخ.

صحيح أن الإخوان استطاعوا أن يفهموا العسكر وإن داهنوهم سياسيا، فالدكتور محمد البلتاجي يعلم بوقوف العسكر ضد الثورة عندما أتى اللواء السيسي مدير المخابرات وقتها يفاوض الإخوان من أجل الخروج من الميدان ويخوفهم بأنصار المخلوع القادمين للاعتداء على الثوار فيما عرف بموقعة الجمل. نعم كان الإخوان يفهمون العسكر لكن أبو إسماعيل كان يجهر بكل ما يعرفه عن العسكر.
وكانت موقعة العباسية هي رصاصة الرحمة التي أطلقها العسكر على حازم صلاح فقد استخدم الإعلام هذه الواقعة في تشويه الرجل وأنصاره وتشويه التيار الإسلامي برمته وتبارت القنوات في استضافة مسؤولي حزب النور الذين تبرؤوا من حازم الذي "ليست لديه حسابات واقعية".

كان الإخوان في هذا الوقت أضعف الأطراف، فقد تآكلت شعبيتهم بفعل الأداء البرلماني الضعيف، وسيطرة العسكر على السلطتين التنفيذية والقضائية، والإعلام الذي تعمد إخفاء الإنجازات البرلمانية القليلة التي حققها الإسلاميون، واستغلال مؤامرة مذبحة بورسعيد في إظهار فشل الإسلاميين في القصاص للشهداء.

كاد القضاء أن يعلن فوز شفيق بانتخابات الرئاسة ويريح العسكر من عناء الاستمرار في سيناريو إفشال الإخوان، لكن الأصوات التي حصدها مرشح الجماعة محمد مرسي أظهرت أن الخطة الاستخباراتية الفلولية فشلت في سحق شعبية الإخوان وإن أضعفتها جدا، وزاد الطين بلة أن الإخوان سارعوا بتصوير محاضر اللجان وحساب النتيجة وإعلانها ليضعوا العسكر في مأزق.

كانت الخطة البديلة جاهزة وهي مواصلة سياسة سلطة بلا سلطة، فسارع العسكر إلى إصدار إعلان دستوري مكمل تمهيدا لتقليص سلطات مرسي قبل إعلان النتيجة بفوزه، وبدا بذلك أن العسكر لم يتخلوا عن خطة الانقلاب على إرادة الشعب وإنما رأوا تأجيل التنفيذ لأشهر. يقول المستشار أحمد مكي في حوار منذ أيام إن المشير طنطاوي قال له إننا سلمنا الإخوان للبلد ولم نسلم البلد إلى الإخوان، وأن مرسي فوجئ بأن كل المؤسسات ضده وأبرزها المجلس العسكري الذي اتفق على خروج آمن لطنطاوي وتعيين السيسي وزيرا للدفاع.

لم تكن هذه الخطوة سوى تهيئة شعبية للانقلاب بإزاحة الكارت المحترق طنطاوي والذي ارتبط في أذهان الشعب بأحداث ماسبيرو ومحمد محمود وغيرها، وتقديم مدير المخابرات الحربية عبد الفتاح السيسي بديلا.

في 14 أغسطس 2012، ذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية إن وزير الدفاع السابق حسين طنطاوي قدم السيسي لجون برينان مستشار أوباما لمكافحة الإرهاب خلال زيارته لمصر في أكتوبر 2011 باعتباره وزير دفاع مصر القادم. لذا فإن الإطاحة بطنطاوي لم تكن سوى ضغطا من المجلس العسكري على مرسي مصداقا لكلام المستشار مكي. في المقابل، حاول الرئيس الاعتناء بالجبهة الداخلية في حدود الممكن عن طريق ملفات رغيف الخبز والمعاشات والتأمينات وطفق يمد جسور التعاون مع دول خارجية كتركيا ولو كانت بين تلك الدول روسيا وإيران للأسف وذلك بغرض ردع الدول العربية الممولة للانقلاب عليه.

كيف تنظر الولايات المتحدة للسيسي؟
تقول وول ستريت جورنال إن السيسي كان يجري اتصالات مكثفة مع آن باترسون سفيرة الولايات المتحدة في مصر. ونقلت عن مسئولين أمريكيين قولهم إن عبد الفتاح السيسي كانت لديه علاقات وثيقة مع الجيش الأمريكي والمخابرات الأمريكية. وقال مسئول كبير في إدارة أوباما للصحيفة إن السيسي "هو الشخص الذي عملنا معه لفترة طويلة، والذي أظهر نفسه حريصا على العمل مع الولايات المتحدة، والذي يقدر قيمة السلام مع جيران مصر".

وأكدت الصحيفة الأمريكية أن مسؤولين في إدارة الرئيس أوباما قالوا إن قائد الجيش الجديد في مصر شخصية معروفة في واشنطن ولديه علاقات ممتدة مع مسؤولين في إدارة أوباما. وأضافت الصحيفة أن الاتصالات بين عبدالفتاح السيسي وأمريكا، تعود بتاريخها إلى أكثر من 30 عاما مع الولايات المتحدة، حيث أخذ دورة تدريبية أساسية للمشاة في فورت بينينج بولاية جورجيا عام 1981.

في 12 أغسطس كتب الكاتب الأمريكي ديفيد إجناتيوس مقالا بصحيفة واشنطن بوست قال فيه إن المسئولين الأمريكيين يثقون بالسيسي حيث كان على اتصال وثيق بالولايات المتحدة في منصبه السابق كرئيس للمخابرات العسكرية". وأضاف إجناتيوس في المقال الذي عنونه بـ "المسئولون الأمريكيون يؤيدون بحذر وزير الدفاع الجديد" أن المسئولون الأمريكيون نفوا الشائعات التي ترددت عن أن السيسي "إسلامي" له اتصالات سرية بجماعة الإخوان، وقالوا إنه على العكس تماما، وأنه معروف جيدا بالنسبة للجيش الأمريكي بعد أن قضى عاما من التدريب المهني في الولايات المتحدة، وكان يعتبر قيادة فعالة في المخابرات العسكرية.

فور توليه المسؤولية، نشرت جريدة الشروق نقلا عن مصادر عسكرية أن السيسي أطاح بـ 70 لواء بالجيش أبرزهم ممدوح عبد الحق واسماعيل عتمان ومحسن الفنجرى وسامى دياب وعادل عمارة ومختار الملا، وأبقى الرجل على اللواءين العصار وصدقي صبحي الذي ينتظرهما دور كبير في الأحداث مستقبلا. بد أن هذه الإجراءات هدفها إزاحة الوجوه المرتبطة سلبيا بالأذهان.

وعلى غير المتصور، صار الجيش (أو السيسي بالأحرى) يتحكم في الملف الاستخباراتي برمته، وفي ملف سيناء بشكل خاص بعملية وهمية أطلق عليها اسم نسر، انتصر فيها الجيش على كثبان الرمل، والتقى السيسي برئيس جهاز تنمية سيناء محمد شوقي في أغسطس وصدق الأول على مبلغ ٢٥٠ مليون جنيه مشاركة من القوات المسلحة لتحقيق الأمن والتنمية فى سيناء. والتقت قيادات الجيش الثاني الميداني بتاريخ 23 أغسطس أهالي سيناء لحل أزمة مياه الشرب ،ودفع الجيش 200 مليون جنيه لإنشاء محطة تحلية للمياه في مطروح، ليبدأ السيسي دورا مدنيا بغرض زيادة شعبيته بمساندة إعلامية وتخدير المناطق التي قد تثير القلاقل في المستقبل.

في هذه المرحلة صرح وزير الدفاع الأمريكي السابق ليون بانيتا بأن السيسي أكد له التزامه القوي بالعلاقة العسكرية بين الولايات المتحدة ومصر، وخرج المتحدث باسم البيت الأبيض جاي كارني بتصريح قال فيه إن السفيرة الأمريكية آن باترسون على اتصال بالسيسي منذ أن كان مديرا للمخابرات الحربية!

هنا أدرك الرئيس أن الوضع لم يتغير وأن إنهاء حكم العسكر وهم، بل أن العسكر عادوا لأقوى مما كانوا، فمدير المخابرات الحربية السابق هو الرجل الأقوى في الجيش الآن، وأضحى يلعب كل الأدوار بمساندة إعلامية فلولية، وأن سيناء كانت المفتاح لإعادة العسكر إلى الواجهة بفضل تحركات عميل إسرائيل محمد دحلان في المنطقة، بعد أن حاول مرسي بإعلانه الدستوري إقصاء العسكر عن المشهد.

توحدت الجهود خلف السيسي. الآن الفلول والإعلاميون والعلمانيون ودول عربية مع السيسي يرسمون خطة الإطاحة بمرسي، برضا أمريكي إسرائيلي إلى حد القبول الإسرائيلي بالتواجد العسكري في سيناء وإن أبدت امتعاضها لإكمال الحبكة الدرامية. وبدأت حملة صناعة السيسي البطل فأبدى وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك في أكتوبر غضبه من السيسي بدعوى أن الأخير رفض تحسين العلاقات بين مصر وإسرائيل.

كانت الخطة هي التمهيد داخليا للحشد المليوني ضد مرسي بأزمات معيشية لإعطاء السيسي ذريعة للتدخل. وتحدد أن هذه الحبائل التي سترمى في درب الرئيس، ستمنع استمراره لأكثر من عام على أية حال، وكتب يسري فودة الإعلامي بقناة ساويرس تغريدة في 14 نوفمبر قال فيها: اللهم بلغنا يونيو! هذا الإعلامي سيتعرض لإصابة في مارس وستنقله طائرة عسكرية من الجونة إلى القاهرة بأمر من السيسي!

وقعت أحداث الاتحادية ونزل شباب الإخوان للدفاع عن القصر والرئيس ليسقط ثمانية قتلى بصفوف الإخوان وصحفي يدعى الحسيني أبو ضيف.

كان الثامن من ديسمبر هو تاريخ الإعلان عن ظهور الجيش في المشهد بقوة عندما أصدر السيسي بيانا أكد فيه أن "الحوار هو الطريقة الوحيدة والأفضل للتغلب على الصراع المتعمق فى البلاد وأن أى شىء آخر سوى الحوار سيجبرنا على الدخول فى نفق مظلم له عواقب كارثية، وهو ما لم نسمح به". وعلى الفور قالت وكالة "أسوشيتدبرس" الأمريكية عن البيان إن جيش مصر القوى الذى تم تنحيته جانبا عن السياسة فى الصيف الماضى بعد قرارات الرئيس محمد مرسى بإقالة كبار قيادته، عاد إلى المعترك السياسى والغليان الذى تشهده البلاد بسبب التوترات بين القوى العلمانية والحكومة العازمة على تمرير دستور يضمن دورا أساسيا للدين. ورأت أسوشيتدبرس أن الهدف من بيان القوات المسلحة على ما يبدو هو إظهار تنامى نفاد صبر الجيش إزاء الأزمة السياسية المتعمقة. أما الإخوان فأعربت على لسان المتحدث باسمها محمود غزلان عن أسفها لعودة الجيش إلى المعترك السياسي وقال غزلان: لا نقبل بتدخل الجيش.

في 11 ديسمبر دعا السيسي على لسان المتحدث العسكري إلى "حوار وطني" مع القوى السياسية بدعوى الرغبة في حل الأزمة، لكن الرئيس رفض رعاية السيسي لأي حوار مع القوى السياسية باعتباره تدخلا غير مقبول، ليخرج العصار على الفضائيات مؤكدا أن الحوار لا يحمل أى صبغة سياسية، وأنه مجرد حوار للعائلة المصرية بعدما ترك الجيش المصرى السياسة قبل خمسة أشهر. في اليوم التالي نقلت وكالة الأنباء الرسمية للدولة "الشرق الأوسط" أنه لن يكون هناك أى حوار وطنى أو مجتمعى تجريه القوات المسلحة يوم الأربعاء (كما كان مقررا)، قائلة إن ما تردد من أنباء حول هذا الحوار غير صحيح. (خبر بعنوان: أخطر 18 ساعة مرت بها مصر.. "السيسى" يدعو للحوار مساء ويلغيه ظهر اليوم التالى، اليوم السابع 12 ديسمبر).

في يناير التقى السيسي بشيوخ القبائل والعشائر في سيناء لتأمين هذه الجبهة، وفي فبراير بدأت قوى علمانية تحرير توكيلات للسيسي بإدارة شؤون البلاد، وأكد الدكتور على زيدان عضو اللجنة العليا للحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي أن جبهة الإنقاذ الوطني مازالت متمسكة بشروطها لقبول حوار وطني مع مؤسسة الرئاسة، وعلى رأس تلك الشروط أن يكون الحوار تحت رعاية السيسي، وكانت المليونية الأولى لدعم الجيش في الأول من فبراير في محيط النصب التذكاري بمدينة نصر.

في هذه الأثناء نقلت صحيفة "وورلد تريبيون" الأمريكية عن دبلوماسيين قولهم إنه يُعتقد أن "السيسى" و"صبحى" تم تشجيعهما من قبل الولايات المتحدة التى تقدم للجيش مساعدات سنوية تقدر بـ 1.3 مليار دولار، وتحدثوا عن سلسلة من المكالمات الهاتفية بين "السيسى" ووزير الدفاع الأمريكى السابق ليون بانيتا ومساعديه. وفي جلسة بالكونجرس الأمريكي، وقف عضو لجنة التسليح بمجلس الشيوخ الأمريكى، السيناتور «جيمس إنهوف» ليقول بصراحة: الجيش المصري صديقنا ومرسي عدونا.

تصاعدت نبرة العسكر، وقال رئيس هيئة الأركان الفريق صدقى صبحى إن القوات المسلحة يمكن أن تقوم بدور إذا "تعقدت" الأمور، وزعم موقع "ستراتفور" الاستخباراتى الأمريكى أن وزير الدفاع عبد الفتاح السيسى قد التقى سرا مع كل من محمد البرادعى وعمرو موسى عضو جبهة الإنقاذ الوطنى المعارضة قبل إجراء الحوار الوطنى فى 31 يناير. زعم الموقع الاستخباراتي أنه لا يعرف تفاصيل اللقاء، لكن اليوم السابع نقلت عن مصدر عسكري لم تسمه أن الخبر عارٍ عن الصحة.
في هذه الفترة بدأ أهالي سيناء يشعرون بالقلق بسبب قرار السيسي حظر تملك الأراضي المتاخمة للحدود، وقالوا إن قرار السيسي يخالف توجيهات الرئيس مرسي في 5 أكتوبر بالعريش، لكن السيسي سارع إلى طمأنتهم.

توالت الاتصالات الأمريكية فالتقى وزير الخارجية الأمريكي جون كيري بـ "السيسى" في مارس بمقر وزارة الدفاع وبالرئيس، وأجرى السيناتور روبرت كاسى عضو لجنة العلاقات الخارجية بالكونجرس الأمريكى لقاءً آخر بالسيسي.

انطلقت في الشهر نفسه مسيرة بالعشرات إلى "المنطقة الشمالية العسكرية" للمطالبة بعودة الجيش إلى إدارة البلاد، وصرح مصدر عسكري أن "السيسى" أمر بتشكيل لجنة لفحص مضبوطات أقمشة زى الجيش التي استوردتها إحدى شركات ملابس الأطفال، وروجت وسائل إعلام أن الإخوان سيستخدمونها لأعمال عنف وسيلصقونها بالجيش.

بدأ العد التنازلي قبل شهرين من الانقلاب: سد النهضة، مشكلتا الكهرباء والسولار، تمثيلية اختطاف الجنود التي انتهت بتحريرهم دون قتل الخاطفين أو القبض عليهم رغم ادعاء الجيش محاصرة الخاطفين. كانت تمثيلية لتقديم السيسي جنرالا مخلِّصا منقذا. التقى السيسي بالفنانين وبدأ تقديم سلسلة من التصريحات الممهدة للانقلاب إلى حد وصف الشيخ حازم صلاح أبو إسماعيل إياه بالممثل العاطفي، وهو ما استدعى هجوما إعلاميا على الرجل بسلسلة من المقالات والبلاغات.

وبحسب صحيفة وول ستريت جورنال نقلا عن مقربين لجبهة الإنقاذ، فإن الاجتماعات بين القادة العسكريين وقادة المعارضة ازدادت مع اقتراب الإطاحة بمرسي، وضمت هذه الاجتماعات معاونين للدكتور محمد البرادعى وعمرو موسي وحمدين صباحي. وأضافت الصحيفة أن بعض هذه الاجتماعات جرى في نادي ضباط البحرية، حيث أخبر قادة الجيش المعارضة بأنه إذا كانت التظاهرات كافية فإن الجيش لن يكون أمامه خيار سوى التدخل، وستسير الأمور بالضبط كما سارت مع مبارك. وأشارت الصحيفة إلى اعتراف المتحدث العسكري أحمد علي بعملية تعارف بشخصيات لم يكن للجيش من قبل تعاملا كبيرا معها. وهو الادعاء الذي لم ينفِه وزير الخارجية في حكومة الانقلاب في حوار مع مذيع بي بي سي ألان ليتل بتاريخ 6 أغسطس 2013.

قبل ثلاثة أيام من الانقلاب، أبدى رئيس حزب النور يونس مخيون مرونة كبيرة حيال الانقلاب بتصريحات لوكالة رويترز قال فيها: "لو وصلنا إلى مرحلة هل احنا مع حرب أهلية ولا الجيش فشيء طبيعي هنقول الجيش."

حدث الانقلاب ولا تزال الولايات المتحدة ترفض وصفه بالانقلاب كي لا تتوقف المساعدات العسكرية المقدمة للسيسي وغيره من القيادات الموالية لواشنطن. حدث الانقلاب وأثق أنه سيفشل، لكنه سيكون درسا للجميع كي نتوب جميعا من احترام الديمقراطية والقوانين الوضعية التي لا يستحي الآخرون من الانقلاب عليها عند الحاجة. كي نتوب جميعا من سياسة الاحتواء التي انتهجها الإسلاميون، وتسببت في تمييز العسكر في الدستور واستمرار انخراطهم في الحياة المدنية إلى حد إنشاء الطرق والكباري ومحطات تحلية المياه!

يقول روبرت فيسك في مقاله بصحيفة إندبندنت بتاريخ 21 يوليو إن زيارة نائب وزير الخارجية الأمريكى ويليام برنز الأخيرة لمصر تشير إلى أن واشنطن تفضل الجنرالات على الديمقراطيين في الأماكن الملتهبة.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

100 Arabic words in Frank Herbert's Dune

Darth Vader's Jewish Origin - The Golem of Star Wars

الفلك وفلكة المغزل