البنتاجون يراهن على الجنرال المصري
(إن لم يكن عنان هو رجل البنتاجون
في مصر بالفعل، فالكثيرون يعقدون الآمال على أنه سيكون)
(منشور على موقع جريدة النيويورك
تايمز يتاريخ 10 مارس 2011)
(ترجمة: سلامة المصري)
http://www.nytimes.com/2011/03/11/world/middleeast/11enan.html
الفريق سامي حافظ عنان (رئيس أركان
حرب القوات المسلحة) كان قد أنهى لتوه الإفطار بأحد مباني البنتاجون (مقر وزارة
الدفاع الأمريكية) الذي شارك فيه صديقين أمريكيين قدامي (رئيس سابق للقيادة
المركزية، والآخر مسؤول كبير بالجيش) عندما جاءه اتصال يعلمه بأن الجيش المصري
سينزل لشوارع القاهرة ليتعامل مع أحداث الثورة.
ولم تكد تمر سوى ساعات قليلة من
ذلك اليوم حتى كان (الجنرال عنان) على متن طائرة متجهة لبلده، بعدما اعتذر لرئيس
الأركان الأمريكي (مايك مولين Mike Mullen) عن اضطراره لإلغاء العشاء الذي كان مقررا الأسبوع
التالي.
واليوم نجد الفريق عنان - الأثير
لدى الجيش الأمريكي - هو الرجل الثاني ضمن مجموعة الجنرالات التي تمضي بمصر نحو
"نوع ما من الديمقراطية"، وخلال اجتماعات (المجلس الأعلى للقوات المسلحة
SCAF) نجده يجلس عن يمين رئيس المجلس، وزير الدفاع ذي الـ
75 عاما، المشير محمد حسين طنطاوي، باعتباره وريثه المحتمل. في حين يقول المسؤولون
الأمريكيون أن الفريق (63 عاما) أصبح حلقة وصل هامة تعتمد عليها الولايات المتحدة
وهي تبحر عبر المناخ العاصف الذي ينتظر القاهرة.
إن لم يكن عنان هو رجل البنتاجون
في مصر بالفعل، فالكثيرون يعقدون الآمال على أنه سيكون.
يقول عنه الأدميرال المتقاعد
(ويليام فالون) - الرئيس السابق للقيادة المركزية الأمريكية الذي أشرف على عمليات
الجيش الأمريكي في الشرق الأوسط ومصر - أنه "رجل ذكي، متروٍ، داهية وكفء في
عمله. وأنا متأكد أنه سيحاول أن يقوم بالتصرف الصائب". جدير بالذكر أن
الأدميرال فالون كان حاضرا ذلك الإفطار المذكور سابقا، ومعه (ماري بث لونج) مسؤولة
كبيرة سابقة بالبنتاجون.
والسؤال المحوري فيما يخص الفريق
عنان والحكام العسكريين لمصر هو ما إذا كانوا بالفعل سـ "يقومون بالتصرف
الصائب" ويتجهون نحو انتخابات رئاسية ديمقراطية في أغسطس كما وعدوا.
من المعلوم أن الفريق عنان والحكم
العسكري تسلموا السلطة بعد أن قامت حركة شبابية بإسقاط الرئيس حسني مبارك يوم 11
فبراير، لكن منذ ذلك الحين كانت إصلاحاتهم شكلية في أغلبها. ولهذا يستمر
المتظاهرون في المطالبة بالتغيير حتى بعد أن تم تنصيب رئيس وزراء جديد - يوم الجمعة السابق - يعتبر مقبولا
لديهم.
ويبقى المسؤولون في البنتاجون على
اتصال يومي مع الحكام العسكريين الجدد الذين وصفوا بالإرتباك والانزعاج لعدم وجود
مرشح رئاسي محتمل يملك القدرة - في نظرهم - على توحيد كلمة البلد، بما في ذلك (عمرو
موسى) الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية.
وقد اقترح بعض الخبراء بشؤوون
الجيش المصري إمكانية كون الفريق عنان مرشحا محتملا، وهو ما تم نفيه سريعا من قبل
البنتاجون والعسكريين المصريين.
وصرح متحدث عسكري مصري في مقابلة
بواشنطن يوم الجمعة - طلب عدم ذكر اسمه - بأن المجلس الأعلى لن يقدم مرشحا من وسط
صفوفه.
لكن لا يختلف أحد على حقيقة أن
عنان سيلعب دورا محوريا في مستقبل مصر من وراء الستار، كما اعتادت المؤسسة
العسكرية المصرية المتصفة بالقوة والسرية.
فالجيش يدير منظومة اقتصادية
وأمنية ضخمة بعيدا عن عيون أغلب المصريين، من ضمنها (بيزنس) مربح للغاية يتمثل في
إنتاج الإلكترونيات والأجهزة المنزلية والملابس والأغذية.
وإن كان المشير طنطاوي موصوفا بأنه
التابع الوفي لمبارك، وأحد أكبر المتورطين في شبكة الاقتصاد المربحة هذه، ومعارض
لأي إصلاح اقتصادي للأوضاع الحالية، فسامي عنان موصوف بأنه أكثر تقليدية من
الناحية العسكرية، ويركز أكثر على عملية تحديث الجيش.
وهو - كأغلبية جيله من العسكريين
المصريين - درس في روسيا، ونال بعض التدريبات في فرنسا. يتناول الشراب أحيانا، حسب
ما قال اثنان من المصريين المقربين من المؤسسة العسكرية، ويتكلم بعض الإنجليزية
وقليلا من الفرنسية.
ولد في المنصورة بشمال مصر، وينتمي
للدفاع الجوي. وعلى خلاف الجيل الجديد من الضباط المصريين، فلم يدرس أو يتدرب
بالولايات المتحدة.
يتسم - كما لوحظ أثناء زياراته
للبنتاجون - بإنكار الذات ومراعاة رغبات الآخرين والروح المرحة والطبع المحافظ.
ويقال أنه مغرم بالمشتريات والبضائع أمريكية الصنع.
دائما ما نظم المسؤولون بواشنطن -
خلال زياراته - يوما مخصصا لتسوقه مع زوجته في الأسواق التجارية بفرجينيا، كما
يحدث مع باقي الضباط المصريين الذين يشترون أشياء مثل الجينز والأجهزة
الإلكترونية. الفريق عنان له ثلاثة أبناء.
أما الرحلات السنوية المتبادلة بين
الجيش الأمريكي والمصري فهي جزء هام من العلاقة القوية بين البلدين منذ 30 سنة.
وقد ركزت الزيارات بشكل أساسي على
المعونة العسكرية السنوية (1.3 مليار دولار) التي تعطيها الولايات المتحدة لمصر،
وعن نوع الأسلحة والمعدات أمريكية الصنع التي يريد المصريون شراءها بالمبلغ (عادة
تكون مقاتلات ف-16 ودبابات أبرامز M1A1)
(المعلوم أنه منذ مباحثات كامب
دافيد 1978 فإن أمريكا أعطت مصر ما يقدر بـ 35 مليار دولار من المساعدات العسكرية،
مما يجعلها أكبر مستفيد من المساعدات الأمريكية بعد إسرائيل)
ترأس عنان البعثة العسكرية المصرية
لأمريكا (مع حوالي 25 من كبار الضباط) في السنوات ذات العدد الفردي، وكان موجودا
بالولايات المتحدة 2011 عندما قطعت الأزمة في بلده زيارته. ووصفت هذه الزيارات
بأنها سلسلة متصلة من اجتماعات الغداء والعشاء بأفضل مطاعم واشنطن، حيث يقيم
العسكريون المصريون بفندق (الريتز-كارلتون) القريب من البنتاجون.
وعلى الرغم من الجو المريح المحيط
بهذه الاجتماعات، إلا أن التوتر يكون غالبا موجودا، حيث يطلب المصريون أشياء غير
واقعية -في رأي الأمريكيين- مثل أحدث الأسلحة التكنولوجية المتطورة التي يرغب
الأمريكان في الاحتفاظ بها لأنفسهم.
ويقول (جيمس بيتي) القائد العسكري
البحري المتقاعد والرئيس السابق للقوات البحرية الأمريكية بالقاهرة: ’’ ما كنت
أحثهم دائما على فعله هو أن يخبروني بتطلعاتهم لشكل جيشهم عام 2020 ليصبح لديهم
تصور مرحلي متدرج يشترون على أساسه، بدلا من أن يأتوني كل عام بقائمة جديدة. لكنهم
في النهاية يقولون دائما (إنكم تعقدون هذه اللقاءات وتخبروننا فيها بمدى أهميتنا
ثم ترفضون إعطاءنا الأشياء التي نريدها) ‘‘
وخلال هذه الزيارات كان يتم اصطحاب
الفريق عنان إلى أماكن مثل مركز القيادة الحربية في مدينة تامبا أو قاعدة حرس
السواحل في ميامي أو فريق الاستجابة للطوارئ في فايرفاكس.
لكن هذه الأيام فعنان يبقى على
اتصال هاتفي مباشر بمسؤولي البنتاجون، كالأدميرال مولين، ليناقشا خطورة المهمة
التي تواجههم.
وأوضح متحدث الجيش المصري يوم
الجمعة الماضي أن حالة الارتباك لا تزال مسيطرة على القاهرة، وأنه على واشنطن ألا
تبني افتراضات بخصوص الفريق عنان. وقال أيضا أن رئيس أركان حرب القوات المسلحة
السابق، الفريق (حمدي وهيبة) لم يصبح وزيرا للدفاع، بل تم تعييه رئيسا للهيئة
العربية للتصنيع، أساس التصنيع التجاري الربحي التابع للجيش.
وقد وعد المسؤول المصري بأنهم
سيعودون لقواعدهم ومهامهم الطبيعية بعد الانتخابات.
تعليقات
إرسال تعليق