المشاركات

عرض المشاركات من 2024

الفصل بين الفن والفنان: بوتر ورولنج

عندما أعلنت موقفها المناهض للمتحولين جنسيا، احتار الآلاف من معجبي المؤلفة ( ج ك رولنج ) في الغرب : هل يقاطعون عملها الإبداعي ( سلسلة روايات وأفلام عالم السحرة ) أم يكتفون بمقاطعتها هي؟ وهي قضية خلافية مشهورة، أي التمييز بين الفنان وفنه .. وللبشر اتجاهات متعددة في التعامل معها . فمنهم من يرى أن العمل الإبداعي لا ينفصل عن مبدعه، لأنه نتاج قريحته وقد وضع فيه أفكاره ونظرته للعالم . ومنهم من يرى أن الفنان كـ " الميت " ، أي أن للمتلقي الحق في تفسير العمل الفني حسب نظرته الخاصة، وأن تفسير المؤلف نفسه للعمل لا وزن له . مثال : لو أصر ( ج ر ر تولكين ) أن ملحمته ليست صورة مجازية عن صعود النازية في أوروبا، بينما أحس القارئ بتأثرها الواضح بتلك الأحداث التي عاصرت فترة تأليف العمل، فللقارئ أن يضرب برأي المؤلف عرض الحائط .. إذ ربما كان لدى المؤلف أسبابه الخاصة ( الواعية أو النابعة من اللا - وعي ) التي دعته للإنكار . وبناء على وجهة النظر هذه فإن العمل الفني يمكن فصله عن الفنان، ويمكن إعادة تفسيره بحيث يصبح موافقا لآراء القارئ السياسية والاجتماعية والدينية، بغض النظر عما أراده المؤلف . ...

حديث خنز اللحم

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لَوْلاَ بَنُو إِسْرَائِيلَ لَمْ يَخْنَزِ اللَّحْمُ، وَلَوْلاَ حَوَّاءُ لَمْ تَخُنْ أُنْثَى زَوْجَهَا الدَّهْرَ"‏‏ https://sunnah.com/bukhari:3399   لقلة ثقة اليهود في استمرار رزق الله لهم، عندما كان ينزل عليهم يوميا في صحراء التيه منا وسلوى، كانوا يدخرون منه للغد.. فأفسده الله عليهم. أما حواء فلم تنصح آدم بالامتناع عن الأكل من الشجرة، فهذه خيانة له، بل ويقال أنها أكلت أولا أو شجعته على الأكل أولا.  قيل في تفسيره: - لم يكن اللحم يفسد قبل إدخار بني إسرائيل للحم السلوى، وطرأ الفساد على اللحوم من وقتها.  لكن ألم تكن البكتيريا والجراثيم موجودة في الأرض قبل هذا؟! - لم يكن الناس يدخرون اللحوم، بل يأكلونها طازجة ويعطون الباقي لجيرانهم. فلم يعرف البشر أصلا أن اللحوم تفسد تلقائيا عند إدخارها. لكن هل يعقل أن البشرية كلها من البداية وحتى أيام بني إسرائيل لم تخزن ولو قطعة لحم واحدة لأكثر من يوم؟! ألم يوجد بخلاء بين البشر قبل اليهود؟! - كان اللحم يفسد قبل بني إسرائيل، وكان الناس يعلمون هذا. أما المقصود من الحديث فهو أن الله، بعلمه المسبق بما سيفعله ب...

جربنة الأشجار الميتة: عن الكتب الرقمية والورقية

 لا زالت ثقافة الكتاب الإلكتروني في العالم العربي ضعيفة. ومن الحجج الشهيرة التي يرددها العازفون عن قراءة الكتب الرقمية أنهم "متعلقون عاطفيا" بملمس ورائحة الورق، أو أن النظر للشاشات لفترة طويلة يتعب بصرهم. لكن الواقع يكذبهم! فنفس هؤلاء الأشخاص نجدهم ينظرون لشاشة الجوال والتابلت لساعات طويلة، يقرؤون المنشور على صفحات التواصل الاجتماعي. فالحقيقة أن العربي قادر على قراءة عشرات البوستات يوميا، وقد يصل مجموع كلماتها لآلاف الكلمات، لكنه يصاب بالملل لو حاول قراءة نفس  - أو حتى نصف! - هذا العدد ضمن صفحات كتاب إلكتروني! لو كان العائق فعلا - كما يدعي البعض - هو الوسيط الذي تظهر عليه الكلمات (أي الفارق بين الورقة المطبوعة والشاشة) لما رأينا ظاهرة الإدمان على متابعة الفيسبوك، ولما رأينا شيوع التواصل النصي الإلكتروني. فما السبب الحقيقي إذن؟ السبب هو المحتوى ذاته، لا الوسيط. فالمشكلة الحقيقية عند العرب ليست العزوف عن قراءة الكلمات، بل نفور من المحتوى الذكي الذي يحتاج جهدا ذهنيا لفهمه. لو كان محتوى الكتب الإلكترونية خفيفيا، مكتوبا في شكل بوستات قصيرة، بلغة قريبة من اللهجة العامية، ومصحوبا بص...

التلمودان والجسد الملقى على كرسي سليمان

 رابط قراءة وتحميل بحثي المنشور على موقع مداد: https://midad.com/book/195581 التلمودان والجسد الملقى على كرسي سليمان (المصدر التلمودي لتفسير الآية 34 من سورة ص، بروايتيه البابلية والأورشليمية) ملخص: عند ربط آية "ولقد فتنا سليمان وألقينا على كرسيه جسدا ثم أناب" بالقصة الإسرائيلية القائلة بتجسد شيطان في صورة النبي سليمان تباينت آراء المفسرين بين القبول والرفض والاعتراض على بعض جزئيات القصة. يعرض هذا البحث أبرز اعتراضاتهم، ويترجم القصة الأصلية الواردة في التلمود البابلي، ثم يكشف - لأول مرة للقارئ العربي على حد علم الباحث - روايتها البديلة الموجودة في التلمود الأورشليمي، ويعيد النظر في الاعتراضات في ضوء هذه الرواية الثانية. اقتباسات منه: [عند النظر في تفاسير الآية 34 من سورة (ص) يجد المرء نفسه مضطرا للاختيار من بين ثلاثة أنواع من الأقوال، أحلاها مر: - إما رواية إسرائيلية يثير قبولها إشكالات إسلامية - أو ربط الآية بنصوص إسلامية مقبولة في ذاتها لكن تعلقها بالآية محل شك - أو تخمين الواقعة التاريخية المبهمة في الآية ولما ظهر لي أن للرواية - في مصادرها اليهودية الأصلية - صورتين لا صور...